ممارسة الفرص في التربية الإيجابية للأطفال ذوي التأخر النمائي والإعاقات

في التربية الايجابية كثير من الأسر “الآباء والأمهات تحديداً” يتساءلون: كيف يمكن أن نطلب من أبنائنا أموراً لا نفعلها نحن أو لم نفعلها نحن في حياتنا ولم نمر بتجربتهم… فالعديد من الأسر لم يكونوا متفوقين أو أشخاصا من ذوي الإعاقة والتأخر النمائي، ولم يستطيعوا في طفولتهم أن يحققوا إنجاراً رياضياً أو مهنياً أو فنياً ولم يكونوا “سوبر ستار” خاصة وأن مثل هذه البرامج لم تكن منتشرة وقتها، بل كانوا “متوسطي الأداء طوال عمرهم”… فماذا يمكن أن نقدم لأطفالنا ونحن لسنا نموذجيين أو مثاليين.

الكثير منا كأسر يطمح أن يحقق أبناءه ما لم يحققوه في حياتهم، وعلى الرغم من صعوبة ذلك التحدي إلا أنه ممكن إذا كنا واقعيين منطقيين في توقعاتنا تجاههم. فمن المهم التحقق من قدرات الأبناء ومهاراتهم وميولهم ورغباتهم وأحلامهم التي يريدون تحقيقها، ونتساءل دوما: هل هذا ما نريد تحقيقه حقاً؟ هناك الكثير من المحددات يمكنها أن تغير تفكيرنا وتوقعاتنا من الأبناء. إن ما ينتشر عن كون الوزير يجعل ابنه وزيرا، والتاجر يفعل كذلك، بينما الفقير ينجب فقيرا، ما هو إلا محض افتراء وادعاء محبط للغاية.

في التربية الإيجابية نقدم منظومة من الأمل مبنية على أساس صلب من التعرف على الذات ضمن العديد من المحددات المنطقية نبدأها عند تكوين الأسرة بحسن اختيار شريك حياتنا والسعي الدائم لتطوير ذواتنا في حدود الإمكانات والقدرات والمهارات المتاحة التي نتمتع بها، وبعدها نسعى لتحقيق ذلك في أبنائنا ليس “كنسخة طبق الأصل عنا” في النتائج ولكن في الممارسات التي تحسن من جودة حياتهم في مختلف جوانب النمو.

فمن الناحية الجسدية والصحية نهتم بالغذاء المتوازن والوزن الملائم كمثال، ومن الناحية النفسية نوفر لهم فرص الاحتواء وأن يكونوا كما هم وتقبل ما هم عليه شكلاً ومضموناً فلون البشرة أو اتساع العينين أو دقة الأنف وجمال الشفتين لا يغير من حقيقة أنهم أبناؤنا ومهما كان الشكل أو السلوك أو القدرات سيبقون كذلك، ومن الناحية الذهنية علينا توفير التعليم المبكر لهم المبني على اللعب والتفاعل والتجربة بالمحاولة والخطأ حتى إذا تفردوا وتميزوا بمجال نفتح لهم المزيد من الفرص.

بالإضافة إلى ذلك لا بد من التأكيد أنك لا تقدم لهم النجاح على بساط من الراحة دون بذل جهد منهم “فلا تجتنى راحة إلا على تعب”… فالمطلوب منا أن نوجد الفرصة لتطوير ذواتهم من مختلف مجالات النمو ونعطيهم مزيد من الوقت ليجدوا الطريق الذي يناسبهم، وهذا من غير تقصير منا في الدعم والمساندة والحث والتوجيه، فهم يبنون أمجادهم على أكتافنا ويتزودون من خبرتنا في الحياة.

في الختام ليس علينا أن نكون نموذجيين جداً أمام أطفالنا، يكفي أن نحاول أن نصنع الفرص لأنفسنا ولهم لنكون ممن سعى لتحقيق ذاته وتطوير غيره، فالمحاولة لتحقيق الذات وحدها مؤشر لصحة نفسية كبيرة وقوة في زمن تعيق التحديات الكثيرين وتقتل الصعوبات العديد من أصحاب الأحلام. فلا تقسو على أنفسكم وقدموا لأبنائكم ما في وسعكم، وامنحوا ما يمكنكم من الفرص لهم ودعوهم يتحملون نتائج تصرفاتهم، حينها سيكون ابناؤنا ممتنين جدا لأننا منحناهم حق الاختيار وتجربة أن يكونوا متميزين عن غيرهم بعطائهم وكد أيديهم.

إن مفهوم السعادة يختلف من شخص لآخر، وفي التربية الإيجابية تحقيق السعادة يكون بتوفير رضى الطفل عن نفسه، وامتنانه للفرصة التي نمنحها له ونحن داعمين له مساندين.

اصنع الفرص، ليس عليك أن تكون نموذجياً

Facebook
Twitter
WhatsApp