[1] هذا المقال اختصار للفصل الثاني من كتاب (فن القيادة المدرسية) لتوماس ر.هور، المُعنوَن: (تشجيع روح الزمالة والتعاون وتعزيزها)، وليس لكاتب المقال فيه من جهد غير الانتقاء والاختصار.
يركّز توماس ر.هور في كتابه فن القيادة المدرسية على خبراته وتجاربه في قيادة المدرسة، الفكرة الرئيسة للكتاب تتمثل في القول: (القيادة هي كل ما له صلة بالعلاقات).
ويَعتقِد أنّ التحديات التي تواجه قادة المدارس أكبر من تلك التي يواجهها القادة في ساحات أُخَر، وهذا الأمر نابع من طبيعة التربية والتعليم، والقادة العظماء يقبلون بهذه التحديات ويسيرون بمدارسهم نحو الأمام.
كان جوابه على سؤال (لماذا تريد أن تكون مديرًا؟): أريد أن أكون مدير مدرسة؛ لأنني أريد أن أكون قادرًا على صنع الفرق في حياة الأطفال.
تشجيع روح الزمالة والتعاون وتعزيزها:
يذكر المؤلف أنه تأثّر بما كتبه رولاند بارث، ففي كتاب (تحسين المدارس من الداخل) يؤكد بارث أن الزمالة والتعاون بين الأساتذة هي الأهم في تقرير نجاح المدرسة، وإذا كان المراد للطلبة أن يتطوروا ويتعلموا، فالكبار في المدرسة يجب أن يتطوروا ويتعلموا أيضًا.
لا يمكن تخيّل مدرسة جيدة لا تكون فيها روح الزمالة والتعاون جزءًا أساسيًّا ومهمًا من ثقافتها، لكن هذه الروح وحدها غير كافية.
روح الزمالة والتعاون عند بارث تتضمن مكونات خاصة بالمدارس، وهي:
- المعلمون يتحدثون فيما بينهم عن الطلبة.
- المعلمون يتحدثون فيما بينهم عن المنهاج الدراسي.
- المعلمون يشاهد بعضهم بعضًا في عملهم التعليمي.
- المعلمون يعلّم بعضهم بعضًا.
- ويضيف توماس ر.هور مكونًا خامسًا، وهو: المعلمون والإداريون يتعلمون معًا.
إيجاد مثل هذه البيئة يتطلب الرؤية والطاقة والمثابرة من قِبل قائد المدرسة، وفيما يأتي بعض الاستراتيجيات، التي تساعد القادة الذين لديهم الرغبة في تشجيع الزمالة والتعاون في مدارسهم:
- تشكيل جماعة الكتاب: ينبغي أن تجتمع هذه الجماعة قبل أو بعد المدرسة أو ربما في المساء؛ مدير المدرسة يشكّلها ويسهّل عقد اجتماعها الأول، حيث يقرأ الأعضاء في اجتماعاتهم كتابًا.
يكفي أن تقوم جماعة صغيرة من المعلمين -هم نواة هذه الجماعة- بإذاعة الخبر حول إيجابيات هذه الأمر؛ لإقناع الآخرين بالانضمام، ومدير المدرسة يجب أن يكون موجودًا في الجلسات وأن يشارك في الحوار.
- جعل روح الزمالة والتعاون هدفًا: إنّ العمل على تأسيس ودعم روح التعاون، يجب أن يكون الهدف المعلن لمدير المدرسة.
- تطوير المنهاج كزملاء: المعلمون في معظمهم لم يختاروا مهنة التعليم لأنهم يريدون أن يصبحوا ممثّلين يقرؤون السيناريو؛ لقد اختاروا مهنة التعليم لأنهم يحبون أن يتعلّموا ويعلِّموا، ولأنهم يجدون المتعة في التعامل مع الأطفال، وأرادوا أن يستخدموا ما لديهم من إبداع وطاقة لكي يصنعوا الفرق في حياة الطلبة، وأفضل المناهج قد تصبح في حال أفضل على يد المعلمين والمربّين الذين يكيّفون المادة لتلائم طلابهم.
- الاجتماع لتبادل الآراء: هذه اللقاءات تشكل فرصة عظيمة للمعلمين، يتبادلون الرأي حول أسلوب أو منهج جديد، ويتحدث كل منهم عن تجاربه.
- إشراك المعلمين في عملية التوظيف: إشراك المعلمين في توظيف زملاء جدد، طريقة ممتازة لتطوير وترسيخ روح الزمالة والتعاون.
يذكر توماس ر.هور أنه يُخبر المعلمين في مدرسته بأنه لا يستطيع أن يوظّف شخصًا إلا إذا كانوا هم على استعداد للتعاون معه.
- إبداع حالات تطبيقية تكشف المستتر: طلب التوظيف في مدرسة نيو سيتي يطلب الإجابة عن ثلاثة أسئلة، هي:
- هل ثمة فرق بين النجاح في المدرسة والنجاح في العمل؟
- صِفْ لنا أي القضايا في التنوع الإنساني هي المهمة:
- ما الكتاب أو العمل الفني الذي ترك الأثر الأكبر في نفسك:
- تثمين الذكاء العاطفي: نحن جميعًا يجب أن نذكر دومًا أنّ النجاح يبدأ من لحظة بناء العلاقات، وإنه لا ينتهي هناك، والعلاقات ليست الشيء الوحيد الذي يهمّ، ولكن إن لم تكن تلك القطعة المُسمّاة بالعلاقات في مكانها فإنّ إتمام المهمة بنجاح سيكون أصعب.
– خلق ثقافة الزمالة والتعاون: يقضي واجب مدير المدرسة بخلق ثقافة في المدرسة تسمو فوق الشخصية –حتى شخصيته هو– تعطي الجميع إحساسًا واضحًا بالتوقعات حول ما هو مهمّ.
- النمو في بيئة تتسم بروح الزمالة والتعاون: قد يكون التعليم نشاطًا معزولًا وكأن المرء يقيم في جزيرة نائية، ففي الكثير من الحالات يقضي المعلمون أوقاتهم يتفاعلون مع الطلبة، وقد لا يحصلون على تغذية راجعة من زملائهم وإنْ حصلوا فالقليل النادر ونحن نتساءل لماذا يصعب على المعلمين أن يواصلوا نموّهم وتعلمهم وفي الوقت نفسه لا ينبغي لنا أن نندهش لأن الحال كذلك؛ فالبيئات المدرسية غالبًا تعمل في اتجاه معاكس لنمو الكبار.
بالمقابل تعد البيئة التي تتسم بروح الزمالة والتعاون أرضية مناسبة جدًا لكي يواصل كل معلم فيها نموه.
دور المعلم كواحد من الزملاء يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عند إجراء تقييم المعلمين في نهاية العام، وهو جزء مهم بل وكبير الأهمية في حياة المرء المهنية ولا يجوز إهماله.
ويشير المؤلف في الفصل السابع (تسهيل عملية الإبداع والعمل الفريقي) إلى ضرورة جعل الأخطاء فرصة للتعلم؛ لأن عملية التعلم لا تخلو من الأخطاء، فيشجعُ المديرُ المعلمين على تجربة شيء جديد، ويكون إلى جانب المعلم عندما يحصل الخطأ.
المرجع:
- ر. هور، توماس. (2009). فن القيادة المدرسية (وليد عزت شحادة، مُترجم).العبيكان للنشر. (العمل الأصلي نُشر في 2005).