فن حل النزاع يبدأ من الطفولة

يُعد النزاع بين الأطفال من التحديات المتكررة التي يواجهها الآباء والمربون منذ السنوات الأولى من عمر الطفل، ففي مرحلة ما قبل اكتساب اللغة الكاملة، غالبًا ما يلجأ الأطفال إلى سلوكيات غير لفظية للتعبير عن رغباتهم، كالضرب أو العض أو شد الشعر، مما يؤدي إلى صراعات بينهم، ورغم ما قد يبدو عليه النزاع من سلبية، إلا أنه يشكّل فرصة تعليمية مهمة تُسهم في تطوير مهارات التواصل الاجتماعي والتفاوض.

إطار مفاهيمي: الفرق بين النزاع والمشكلة

يحدد Neil Katz & Kevin McNulty النزاع بأنه يوجد طرفان على الأقل تربطهما علاقة اعتماد متبادل، ويشعران بمشاعر قوية، ويبدوان كأنهما يتبنيان أهدافًا أو معتقدات متعارضة، ويعترف أحد الطرفين على الأقل بوجود هذا التعارض ويعتبره مشكلة. في حالة النزاع، يرى الأطراف أن أهدافهم متعارضة، وكلمة “أهداف” تشير إلى ما يريده الفرد: أي الحل أو الموقف المفضل لديه. ولكن خلف هذه المواقف تكمن “المصالح”، وهي الأسباب التي تدفع الفرد إلى السعي لتحقيق هدف معين منذ البداية. المصالح هي تصورات ومشاعر الفرد حول ما هو مرغوب أو مفيد، وهي مركزية في سلوك الإنسان وجذورها تعود إلى الحاجات والمعتقدات الإنسانية. [1]

أما “المشكلة” هي حالة يشعر فيها الفرد بوجود فرق بين ما هو كائن (الوضع الحالي) وما يجب أن يكون (الوضع المرغوب فيه)، دون أن تكون لديه الوسائل أو المعرفة الكافية لسد هذه الفجوة، بمعنى أن هناك فجوة معرفية أو عملية بين الواقع والمأمول، ويرافق المشكلة نوع من عدم اليقين أو الغموض حول كيفية حلها. تتطلب جهداً فكرياً ومنهجياً للوصول إلى حل مناسب، ويمكن أن تكون المشكلة بسيطة أو مركبة حسب عدد العوامل المؤثرة فيها.[2]

التحديات الأولى في حل النزاعات

الكثير من التعقيدات تكمن خلف الشجار الذي قد يبدو بسيطًا وعابرًا، أخبرتني إحدى الأمهات يومًا كيف يمكن أن تصبح شخصية ابنها قوية وهو لا يرد على إهانة أصدقائه له، وبينما كنت أشرح لها، قالت لي: “أنا أخبرته في كل مرة سأعرف أنه قَبِلَ بإهانة من طفل آخر، سأهينه” ما الذي تود الأم أن تعلمه لابنها إذا كانت هي أيضًا مصدرًا آخر للإهانة؟

تشير مجموعة متزايدة من الأبحاث إلى الآثار الضارّة التي تُخلّفها تجارب الطفولة السلبية (AdverseChildhood Experiences, ACEs)؛ أي تلك التي تحدث خلال الطفولة أو المراهقة، مثل سوء معاملة الأطفال أو التعرض للعنف المنزلي على الصحة طوال الحياة، حيث تُعد تجارب الطفولة السلبية المتعددة عامل خطر رئيسي لكثير من المشاكل الصحية (مثل العنف، الأمراض النفسية، وتعاطي المخدرات) تمثل بدورها مخاطر انتقال إلى الجيل التالي، ما يعني أنها تُسهم في تدوير حلقات من الأذى بين الأجيال.[3]

ما قد يؤدي إلى تشويه صورتهم عن ذواتهم وعن العالم من حولهم، وأيضا الى تنمية طرق تواصل غير فعالة تؤثر على حياة الرشد لاحقا.

دور الأسرة والمحيط في كيفية حل المشكلات

في إحدى الحالات التي تابعتها رفع طفل لا يتجاوز الأربع سنوات الكرسي على طفل آخر بغية إيذائه، وعندما تحدثت مع هذا الطفل، أخبرني بأن صديقه عضه في يده وأن أباه أخبره بأنه عندما يتعرض لهذا النوع من المضايقات عليه أن يرد بالمثل وأكثر، وقال لي: “بيصير الواحد ما يسمع كلمة أبوه؟” عجزت حينها لثوانٍ عن الرد عندما اكتسفت أن ردي سيكون بعدم تنفيذ نصيحة والده، فوالده هو النموذج الأول والأهم له في الحياة.

في سياق آخر، أم تشكو لي من أن هناك طفلًا يضرب ابنها وباقي الأطفال في الحضانة، وتساءلت ماذا عليها أن تفعل، أخبرتها أنه يجب أن يلجأ إلى المعلمة لحل المشكلة، وأنه لا يجب أن يقوم بالضرب لأن العنف المتبادل لا نهاية له، وأن الطفل الآخر ليس بالضرورة عدوانيًا، إنه لا يستطيع التعبير عما يريد بالكلام، فيضطر إلى الضرب أو العض، وبالفعل اتبعت الأم وابنها النصيحة باللجوء إلى المعلمة لحل النزاع لمدة معينة، وبعد ذلك في يوم عاد سعيدًا إلى المنزل وأخبر أمه بأنه ضرب هذا الطفل، وعندما سألته لماذا فعل ذلك، رد ببساطة قائلاً: “أخبرت المعلمة وهي لم تفعل شيئًا، فقمت بالرد عليه” وهذا دفع المعلمة إلى التدخل وإيقاف النزاع وليس حله.

شعر الطفل حينها بالعدالة لأنه استطاع أخذ حقه، وفي كل مرة كان يلجأ فيها إلى المعلمة ولا تجد من يستمع إليه، كان يشعر بالإحباط وبأنه مظلوم، فلجأ إلى أخذ حقه بيده.

خطوات حل المشكلات الستة

اقترحت بيتسي إيفانز في كتابها You cant Come to My Birthday Party! (2002) وهي أستاذة ومختصة في التعليم المبكر وحل النزاعات بين الأطفال، ست خطوات لتعليم الأطفال مهارة حل النزاع أو الوساطة:

أولاً، وقبل كل شيء التوقف الفوري عن أي سلوك عدائي بطريقة هادئة، يتم التدخل بهدوء وسرعة لوقف التصرفات العدوانية بين الأطفال، مما يساعد على تهدئة الوضع قبل أن يتصاعد.

يتبعه الاعتراف بمشاعر الأطفال المتنازعين، وهنا يُركز على مشاعر الأطفال ويتم التعبير عنها بطرق تساعدهم على فهم أنفسهم، على سبيل المثال، يمكن القول: “زيد ورنا، يبدو أنكما تشعران بالحزن” أو “رنا، يبدو أنك تشعرين بالإحباط”، هذا النوع من الاستجابة يساعد الأطفال على التعرف على مشاعرهم، مما يتيح لهم الانتقال إلى التفكير في الحلول، بدون هذه الخطوة، قد يصعب عليهم التوصل إلى الحلول المناسبة.

ثم جمع المعلومات، بعد تهدئة الأطفال، يتم التحدث معهم حول سبب النزاع، في هذه المرحلة، يُسأل الأطفال عن النزاع أو ما الذي يرغبون فيه، ولكن بعد أن يصبحوا قادرين على التفكير بوضوح.

نلحقه بإعادة تعريف النزاع، حيث يتم تلخيص المعلومات التي تم جمعها بشكل حيادي، بهدف مساعدة الأطفال على تحديد المشكلات بدقة والتركيز على الحقائق، ويفضل أن تتم صياغتها من قبل الأطفال بأن المشكلة هي أن خولة أخذت الورقة الأخيرة التي أستطيع الرسم عليها…

 ثم اقتراح الحلول واختيار الأنسب عند تحديد المشكلة بوضوح، يتم تشجيع الأطفال المتنازعين على اقتراح مجموعة من الحلول الممكنة ويتم مناقشتها فيما بينهم حتى يتفق الجميع على الحل الأنسب، هنا على سبيل المثال قد يكون الحل أن يتقاسموا الورقة أو أن يشاركوا الرسم سوية على الورقة نفسها…إلخ وهنا أيضًا يأتي دور كلمة آسف إما من الطرفين معًا أو من أحد الأطراف وقبول الاعتذار من الطرف الآخر، فلا يمكن أن نطرح الحلول وألّا يكون جزءًا من هذا الحل هو الاعتراف بالغلط ومسؤولية الطفل عنه، وكلمة آسف هنا لها دلالة على قناعة ورضا وقبول بارتكاب الغلط وتصحيحه، وهو أمر يساعد كثيرًا في نمو الطفال لاحقًا وفي تحمل مسؤولية أفعالهم وتصرفاتهم في حياة الرشد.

وفي النهاية وهي من الخطوات المهمة جدًا متابعة تنفيذ الحل، يجب متابعة تنفيذه وتقييم فعاليته في حل المشكلة، للتأكد من أنه قد نجح في معالجة الوضع بشكل دائم.

بين النظرية والتطبيق:

رغم بساطة النموذج، إلا أن تطبيقه العملي يتطلب مهارات عاطفية ولغوية لدى الطفل مثل التعبير عن المشاعر، وتقبل المسؤولية، ومهارات التفاوض، وغالبًا ما تبرز صعوبات خاصة في التعبير الحقيقي عن المشاعر وفي تقديم اعتذارات صادقة.

التعبير عن المشاعر هو شيء يتعلمه الإنسان ويكتسبه، والحقيقة أن التعبير عن المشاعر بطريقة توكيد الذات وبعيدة عن الاتهامات والتجريح يحتاج إلى بناء يبدأ منذ الطفولة المبكرة جدًا، فعندما يبكي الطفل للحصول على شيء ما، يتم ربط وتحديد مشاعره بالكلمات والأفعال، على سبيل المثال، قد يبكي لأنه يرغب في الخروج ويقول إنه حزين، ولكنه في الحقيقة ليس حزينًا، بل يشعر بالملل ويحتاج إلى نشاط مختلف، أو قد يركض دون توقف في المنزل ويقول إنه فرحان، في حين أنه ليس كذلك بل هو مُستثار وربما متوتر، وغيرها من الأمثلة.

أيضًا، التعبير والإفصاح عن مشاعرنا الحقيقية قد يكون غير مقبول في مجتمع يعتقد أنه من الأدب عدم قول ما أشعر به حقيقة كي لا أؤذي مشاعر الآخرين، لكن في الحقيقة عندما يتحدث الإنسان عن مشاعره، لا يُؤذي أحدًا، لأنه لا يلقي اللوم على أحد ولا يتهم أو يصف أحدًا، بل هو يتحدث عن نفسه وعمّا يشعر به، على سبيل المثال، القول: “شعرت بالحزن عندما كنت مريضة، ولم تتصل للاطمئنان”، بدلاً من قول “أنت جعلتني أبكي عندما تجاهلتني وأنا مريضة”، الفرق بين هاتين الجملتين هو ما يجب أن نتعلمه منذ الصغر: كيف نعبر عن مشاعرنا نحن، وليس لوم الآخر. في جلساتي مع الأهل، غالبًا ما أحاول إعادة صياغة الجمل والتأكيد على أن ما أطلبه الآن هو أن يتحدثوا عمّا شعروا هم به، وليس عن أفعال الآخرين وانعكاسها على شعورهم.

أما عن الحلول التشاركية، فهي أيضًا تحتاج إلى مهارات، ليس الجميع قادرًا على التشارك، وليس من الضروري أن نتشارك في كل شيء، لكن في المشكلات والنزاع تحديدًا، التشاركية في إيجاد الحل تعد جزءًا مهمًا من عملية حلها، يظن بعض الأشخاص أن التشاركية في إيجاد الحلول تجعل طرفي المشكلة أو النزاع في نفس مستوى المسؤولية، ولكن هذا غير صحيح، حيث إن مرحلة إعادة صياغة المشكلة توضح بشكل كبير مسؤولية الطرفين في المشكلة، لا يوجد إنسان ملاك وآخر شرير؛ ففي بعض الخلافات، بالطبع، يوجد ضحية ومجرم وعوامل تؤثر هنا وهناك، لكنني هنا أتحدث عن الخلافات بين طرفين متساويين إلى حد كبير في القوة والسلطة والعمر والمستوى الاجتماعي والتعليمي، أما عندما يكون الأطراف مختلفين، فإن مراحل وخطوات حل النزاع تسلك نفس الطريق، لكن مع تخصيص مساحة لتحديد مسؤولية كل طرف في النزاع.

يبدأ الوصول إلى حل تشاركي عند صياغة المشكلة وتحييد المشاعر قدر الإمكان. يدرك كل طرف في المشكلة مسؤوليته، ويبدؤون بالتفكير معًا في إيجاد الحلول، ستكون الحلول الأولى الفردية، في مثالنا قد تَعُد رنا أن هذه ليست مشكلتها، وأن على خولة البحث عن ورقة أخرى لترسم عليها، أو قد يكون الحل أن نطلب من المعلمة ورقًا إضافيًا، وبالتشجيع سيصلان إلى إيجاد حل تشاركي، مثل مشاركة الورقة بتقسيمها إلى جزأين متساويين ومنفصلين، أو الرسم سويًا.

لكن المهم في هذه الحلول ليس فقط فض النزاع، وإنما الخطوات التي رافقت حل المشكلة، والتي قد تجعل الطرفين لا يشعران بنفس مستوى الإحباط السابق؛ لأن رنا قد تعتقد أنها ظُلمت لأن الورقة كانت لها وهي الآن مضطرة أن تتشاركها مع أحد آخر، وخولة قد تعتقد أنها لو سبقت رنا لحصلت على الورقة بمفردها، لكن في الحقيقة، المهم هو أن نجد ورقة لنرسم عليها، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، ورقتي فقط أم أني تشاركتها مع زميلتي.

أما عن كلمة “آسف” والاعتذار، ففي بعض المشكلات قد لا يكون هناك ضرورة للاعتذار، لكن في نزاعات معينة، كلمة “آسف” هي جزء من الحل، فعندما يكون هذا النزاع أو الشجار مرتبط بتهديد أو تعنيف بدني أو لفظي أو نفسي، فإن كلمة آسف ضرورية وغير ممكن حل المشكلة بدونها، كما عندما رفع الولد الكرسي على الطفل الآخر وقام بتهديده، يستحق الطفل هنا أن يسمع كلمة “آسف”، ولكن ماذا تعني كلمة “آسف”؟ في معجم اللغة العربية المعاصرة، كلمة “آسف” هي اسم فاعل من “أسِفَ على/ أسِفَ لـ/ أسِفَ من”، وكلمة “اعتذار” تعني “أنا آسف على ما حدث مني”، وأسِفَ فهو آسِف وأسِف وأسيف، والمفعول “مَأْسوف عليه”، أسِف على وفاة صديقه: حزِن أشدّ الحزن وتلهَّف واغتمّ، على الرغم من أن كلمة “آسف” قد تبدو بسيطة ورمزية، إلا أنها في الحقيقة تمثل تمرينًا صعبًا على الشخص عندما يعتذر للآخر؛ فمن الصعب الاعتذار لشخص لأننا قد قلنا كلامًا غير محق، أو فعلنا أشياء سيئة، أو حتى عندما نكون قد ظلمنا شخصًا جسديًا أو معنويًا، أو حتى عندما نتخلى عن شخص في وقتٍ صعب، الاعتذار يشمل الاعتراف بالخطأ، والخطأ في وعينا الجمعي قد يُعتبر شرًّا، لذلك غالبًا ما يصعب على الإنسان أن يعترف بخطئه وأن يعتذر، لأنه لا يريد أن يشعر بأنه “شرير” أو مسؤول عن الغلط.

على جهة أخرى، أسمع كثيرًا من الأهالي الذين أعمل معهم في جلسات تعديل السلوك والتواصل أن أولادهم يقولون: “آسف”، ثم بعد ثوانٍ يعيدون تكرار نفس الخطأ، أو يقولون “آسف” وهم يتعاملون مع إخوتهم، معتقدين أن هذه الكلمة ستنهي القصة وسنحصل على ما نريد، قد تكون كلمة “آسف” أيضًا بهذه السهولة لبعض الأشخاص الذين يكررونها بعد أن اكتشفوا أن قولها سيعود عليهم بالفائدة لتنفيذ ما يريدون أو للتهرب من فعلتهم، “لقد اعتذرت لك، ماذا تريد أكثر من ذلك؟” الحقيقة أن كلمة “آسف” المطلوبة، أبعد من أن تكون مجرد كلمة، بالعودة إلى نموذج حل المشكلات، تكون كلمة “آسف” هي جزء مهم من الحلول المقترحة وليست هي الحل الوحيد، فلا تنتهي المشكلة بمجرد قول أنا أسف.

التعلم الاجتماعي العاطفي ضرورة وليس خيار

هذه الخطوات لحل المشكلات تحتاج إلى مهارات، فلا يمكن أن نطلب من الطفل ايجاد حلول تشاركية أو التعبير عن مشاعره دون أن يكون قد تعلم هذا بالفعل ومارسه في حياته اليومية والمدرسية، ومن هنا فإن الأشياء مترابطة بعضها مع بعض، نريد أطفال قادرين على حل مشكلاتهم فعلينا أن نعلمهم كيف يتشاركون ويتبادلون الأدوار، وكيف يعبرون عن مشاعرهم ويصوغونها بعيداً عن توجيه الاتهامات وتوصيف الآخرين، وتعلمهم كيف يتحملون مسؤولية أفعالهم وكلامهم وأفكارهم، وعليك أنت المربي أن تكون صبوراً ومنفتحاً وأن تمارس أنت أيضًا في حياتك هذه المهارات وتكون جزءًا من شخصيتك، وهذا تماماً ما يشير إليه  مفهوم “التعلم الاجتماعي العاطفي” إلى المنطقة العربية متأخرًا نسبيًا، حيث تم تأسيس مؤسسة التعاون من أجل التعلم الأكاديمي والاجتماعي والعاطفي (CASEL) في عام 1994 في أمريكا، ونشر المشاركون كتاب تعزيز التعلم الاجتماعي والعاطفي: إرشادات للمعلمين في عام 1997، تتالت بعدها الكتب والدراسات والتدريبات حول إدماج التعلم الاجتماعي العاطفي في التعليم باعتبار المدرسة مكان للنمو الاجتماعي والعاطفي الذي يؤثر في التحصيل الدراسي، ورغم أن العديد من الدول العربية جزء من هذا الاتجاه العالمي، فإن تطبيق هذه المهارات لا يزال محصورًا في التدريب النظري في بعض الأحيان، ولم يُترجم بالكامل إلى التطبيق العملي في الفصول الدراسية، وعلى الرغم من دمج هذه المهارات في المناهج التعليمية، إلا أن هناك العديد من العوائق التي تعترض تطبيقها، مثل كثافة الفصول الدراسية، نقص الموارد المالية، وعدم تدريب المعلمين، بالإضافة إلى أسباب أخرى.

أظهرت دراسة تحليلية لـ Durlak وآخرين (2011) أن الطلاب الذين يشاركون في برامج التعلم الاجتماعي العاطفي يحققون أداءً أكاديميًا أعلى بنسبة 11% مقارنة بأقرانهم. فهذه البرامج تعزز من تركيز الطلاب، وتساعدهم على تحقيق أهدافهم الدراسية، وتزيد من قدرتهم على التكيف مع التحديات. كما تسهم بشكل فعّال في الحد من السلوكيات السلبية مثل العنف والتنمر، من خلال تنمية مهارات إدارة المشاعر والتفاعل الإيجابي مع الآخرين.[4]

اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى أن يصبح التعلم الاجتماعي العاطفي بما يتضمنه من مهارات التدريب على حل المشكلات، وتنظيم المشاعر، والتواصل الفعّال، جزءًا لا يتجزأ من العملية التعليمية، يجب ألّا يقتصر تواجد هذه المهارات على الكتاب المدرسي فقط، بل يجب أن تُصبح منهجًا وعقلية تتبناه السياسات التعليمية، هذا التوجه سيمكن أطفالنا، شباب المستقبل، من أن يصبحوا أكثر قدرة على التعبير عن مشاعرهم، وتحمل المسؤولية عن أفعالهم، وحل مشكلاتهم بطريقة تشاركية تعزز التفاهم والتعاون، فضلاً عن خلق بيئة تعليمية أكثر إيجابية وأقل عدوانية.

المراجع:

Abdullah, S., Ramdhani, D. F., & Iyoega, R. R. (2022, janvier 21). The role of informal land dispute resolution in conflict management: Case study of land dispute between Bandung City Government and the local people in Taman Sari urban village, Bandung Wetan sub district, Bandung City. In Proceedings of the Third International Conference Administration Science (ICAS 2021, 15 septembre 2021, Bandung, Indonesia). EAI. https://doi.org/10.4108/eai.15-9-2021.2315291

Aeini, S., Afzalian, K., Etessam, I., & Shariatrad, F. (2021). Problem Framing, Interdisciplinary Problem Solving Strategy. Creative City Design, 4(3), 16-32.

Durlak, J. A., Weissberg, R. P., Dymnicki, A. B., Taylor, R. D., & Schellinger, K. B. (2011). The impact of enhancing students’ social and emotional learning: A meta‐analysis of school‐based universal interventions. Child development, 82(1), 405-432.

Evans, B. (2002). You can’t come to my birthday party! : conflict resolution with young children. High/Scope Press.

 Hughes, K., Bellis, M. A., Hardcastle, K. A., Sethi, D., Butchart, A., Mikton, C., Jones, L., & Dunne, M. P. (2017). The effect of multiple adverse childhood experiences on health: a systematic review and meta-analysis. The Lancet Public Health2(8), 356–366. https://doi.org/10.1016/S2468-2667(17)30118-4

Weitzman, E. A., & Weitzman, P. F. (2000). Problem solving and decision making in conflict resolution. In M. Deutsch & P. T. Coleman (Eds.), The handbook of conflict resolution: Theory and practice (pp. 185–209). Jossey-Bass/Wiley.

Facebook
Twitter
WhatsApp