سبع (7) أفكار لاعقلانية قد تسلب سعادتك

تعد الأفكار اللا عقلانية من المواضيع التي أُثير الحديث عنها في منتصف القرن العشرين، ويعد عالم النفس الأمريكي ألبرت أليس من أوائل العلماء الذين تحدثوا عن وجود نوعين من الأفكار لدى الإنسان وهي:

الأفكار العقلانية: وهي الأفكار المرنة والمنطقية التي تساعد الإنسان على التكيف مع الحياة ومواجهة التحديات بطريقة تعزز إلى الصحة النفسية.

الأفكار اللاعقلانية: وهي الأفكار الجامدة والمطلقة وغير المنطقية، التي تزرع في الإنسان مشاعر الإحباط والتوتر والقلق، وتُعد السبب الجذري لمعظم الاضطرابات النفسية وفق رؤية إليس.

صارت هذه الرؤية مهمة لفهم أسباب المعاناة النفسية، إذ أصبح واضحًا أن الإنسان لا يعاني بسبب الظروف الخارجية فقط، بل بسبب طريقة تفسيره وتفكيره؛ فالفكرة التي تسيطر على عقل الإنسان تولّد مشاعر قوية تدفعه إلى سلوك معين، ومن هنا كانت مقولة: “حياتك من صنع أفكارك”.

إدراك الإنسان لنوع الأفكار التي تدور في ذهنه يعد خطوة جوهرية للتحرر من سطوة الأفكار اللاعقلانية التي قد تسلبه سعادته دون أن يدرك، وهذه المقالة تسلط الضوء على أخطر هذه الأفكار كما حددها ألبرت إليس، وتقدّم خطوات عملية للتعامل معها.

تعريف الأفكار اللاعقلانية:

إن الأفكار اللاعقلانية هي الأفكار غير المنطقية وغير الواقعية والمطلقة، وهي تقف عائقاً أمام تحقيق الفرد لأهدافه، وتقود إلى الاضطراب النفسي، وقد حدد إليس مجموعة من الأفكار اللاعقلانية التي وجدها أكثر الأفكار سيطرة على بعض الناس، وتؤدي بهم إلى الاضطراب النفسي. (بلان، 2015، ص. 233)

عرَّف أليس وداردين الأفكار غير العقلانية بأنها: الأفكار التي يتم التعبير عنها بشكل جامد وصارم باستخدام كلمة (يجب ولابد) وغيرها من التعبيرات المتزمتة التي تؤدي إلى مشاعر سلبية (كالاكتئاب والقلق والغضب والشعور بالذنب). )اللامي، ٢٠١٦، ص. ٥)

ويمكن أن ننظر إلى الأفكار اللاعقلانية بأنها أسلوب يقترن بالمقولة الشهيرة (حياتك من صنع أفكارك) ومعنى هذا الأسلوب بصورة عامة أن أسباب الاضطراب كالضيق والاكتئاب والقلق تعود إلى طريقة تفكير الفرد؛ فهناك أفكار غير عقلانية تؤدي إلى الضيق، وهناك أفكار عقلانية تقينا من القلق والضيق وتحول حياتنا إلى سعادة وهناء بدلاً من الضيق والشقاء؛ فالفكرة التي تستولي على تفكيرنا تولد انفعالاً ومشاعر تدفعنا إلى السلوك الذي يتناسب مع هذه الفكرة وهذه المشاعر. (سفيان، 2004، ص. 299)

ما العوامل التي تؤدي إلى نشوء الأفكار اللاعقلانية؟

 هناك مجموعة من العوامل التي تسهم في ظهور ونشوء هذه الافكار اللاعقلانية عند الفرد؛ الأفكار اللاعقلانية هي نتاج مشترك بين الجينات والبيئة، وفي حالة وجود استعداد فطري لدى الفرد للأفكار اللاعقلانية، وبوجود الظروف البيئية المناسبة فإنها تظهر، كما تؤدي الثقافة (مجموعة الأنماط والتصورات والسلوكيات التي تنتقل عبر الأجيال ) واللّغة دوراً كبيراً في تعلم التفكير اللاعقلاني فالفرد الذي ينشأ في بيئة غنية في المعتقدات اللاعقلانية  ستطور  لديه الأفكار اللاعقلانية حيث أننا نصبح لا عقلانيين حسب البيئة الاجتماعية والثقافية التي نعيش فيها بالإضافة الى ما تعلمناه. (اللامي، 2016، ص. 14)

سبع أفكار غير منطقية وغير عقلانية قد تسلب سعادة الإنسان:

حدد ألبرت إليس في أبحاثه /11/ فكرة غير عقلانية هي من أكثر الأفكار التي تسيطر على تفكير الناس وتسلب سعادة الفرد، وتؤدي إلى عدم توافقه، وأذكر من هذه الأفكار ٧ أفكار رئيسة تؤثر في حياة الفرد ومشاعره وسلوكه:

    • من الضروري أن يكون الشخص محبوباً أو مرضياً عنه من كل المحيطين به.

    • إنه من النكبات المؤلمة ألّا تسير الأمور على غير ما يريده المرء.

    • إن التعاسة تنتج عن ظروف خارجية لا يستطيع الشخص التحكم بها.

    • الخبرات والأحداث الماضية هي المحددات الأساسية للسلوك الحاضر، والمؤثرات الماضية لا يمكن استبعادها.

    • هناك دائمًا حل صحيح أو كامل لكل مشكلة ويجب أن نبحث عن هذا الحل لكيلا تصبح النتائج مؤلمة وخطيرة.

    • الأسهل للشخص أن يتفادى بعض المشكلات أو الصعوبات أو المسؤوليات بدلاً من مواجهتها.

    • ينبغي أن يكون الشخص على درجة كبيرة من الكفاءة والمنافسة التي يصل إلى حد الكمال حتى يشعر أنه له قيمة وأهمية. (الجبر، 2022، ص. 18؛ بلان، 2015)

التعامل مع الأفكار اللاعقلانية:

1. التعرف إلى الأفكار اللاعقلانية: خطوة التعرف إلى الأفكار اللاعقلانية حجر الأساس في طريق التغيير؛ فالكثير من الناس يمرون بانفعالات سلبية دون أن ينتبهوا إلى الأفكار التي ولّدت تلك المشاعر.

2. التشكيك في صحة الفكرة: بعد التعرف إلى الفكرة، تأتي الخطوة الأهم وهي التشكيك فيها، فليس كل ما نفكر فيه يمثل حقيقة واقعية، وهنا يمكن للفرد أن يسأل نفسه: هل هذه الفكرة واقعية؟ هل هناك دليل يدعمها؟  هل يجب حقًا أن يحبني الجميع؟ أو هل الماضي يحدد مستقبلي بالكامل؟.

3. استبدال الفكرة: الفكرة اللاعقلانية مثل العدسة المعتمة التي تشوّه الصورة، وعندما يستبدلها الشخص، فإن ذلك يشبه تغيير العدسة لرؤية أكثر وضوحًا؛ فمثلًا بدلاً من الاعتقاد بأنه “يجب أن يحبني الجميع”، يمكن الانتقال إلى فكرة “ليس الجميع ملزمًا بمحبتي”، هذه التغييرات البسيطة تحدث أثرًا بالغًا في تحسين المشاعر والتصرفات.

5. التدريب على التفكير المرن: المرونة في التفكير لا تعني التخلي عن المبادئ، بل تعني التخلي عن الجمود، يمكن تحقيق هذه المرونة من خلال مراجعة اللغة التي يستخدمها الإنسان يوميًا، فالكلمات مثل “يجب”، “لا بد”، “لازم”، تشحن الفكرة بطاقة انفعالية عالية وتغلق المجال أمام الخيارات، وعندما يستبدلها الشخص ويقول مثلًا “أفضّل”، “أحبّ”، “أميل إلى”، فإن ذلك يمنحه شعورًا بالتحكم ويخفف من التوتر الناتج عن التوقعات المطلقة. (إبراهيم، 2008)[1]

يقول الدكتور إبراهيم الفقي في كتابه التفكير السلبي والتفكير الإيجابي:

“تذكر أن أفكارك من صنعك أنت، لن يستطيع أي إنسان على وجه الأرض أن يغيرها لك، ولكنك أنت الوحيد الذي تستطيع أن تغيرها وتجعلها تخدمك وتساعدك على الاتزان والسعادة”


[1] الأفكار مبنية على ما جاء في هذا المرجع وليست مقتبسة حرفيًا منه.

المراجع:     

  • إبراهيم، عبد الستار (2008). عين العقل؟ دليل المعالج لتنمية التفكير العقلاني الإيجابي.  دار الكتاب.
  • بلان، كمال. (2015). نظريات الإرشاد والعلاج النفسي. دار الإعصار العلمي.
  • الجبر، أفنان. (2022). الأفكار اللاعقلانية عند ألبرت أليس. الأكاديمية العربية الدولية.
  • سفيان، نبيل. (2004). المختصر في الشخصية والإرشاد النفسي. إيتراك للنشر والتوزيع.
  • الفقي، إبراهيم. (د.ت). التفكير السلبي والتفكير الإيجابي. الراية للنشر والتوزيع.
  • اللامي، علا. (2016). الأفكار اللاعقلانية وعلاقتها بالصحة النفسية لدى طلبة الجامعة الأردنية في ضوء بعض المتغيرات [رسالة ماجستير منشورة، الجامعة الأردنية]. قاعدة شمعة.

Facebook
Twitter
WhatsApp