عانى الأشخاص ذوي الإعاقة قديماً من الإهمال والقتل والتنكيل بسبب أفكار ومعتقدات وعادات سائدة وبالية وسلبية تجاه هؤلاء الأشخاص، ولم تتبدد هذه الأفكار بشكل ملحوظ إلا في بداية العام 1800م حيث تغير الاتجاه نحو رعاية المعوقين تتمة لجهود مجموعة من الأخصائيين والمربين وقد شمل هذا التغيير الاعتقاد القائل بأن المعوقين يجب أن يعالجوا (شاش،2016، ص.16).
ولم يعد الاهتمام جلياً بفئة المعوقين حركياً إلا بعد اكتشاف الطبيب الأمريكي جوناس سولك للقاح شلل الأطفال سنة 1914م حيث إن اكتشاف لقاح شلل الأطفال كان حداً فارقاً في التعامل مع المعوقين عامة والمعوقين حركياً خاصة.
عملية التقييم والتشخيص تمثّل حجر الزاوية في تقديم الخدمات المناسبة لذوي الإعاقة الحركية، إذ تتيح للمتخصصين تحديد نوع الإعاقة وشدتها، ووضع البرامج التعليمية والعلاجية الملائمة التي تساعدهم على تحقيق أكبر قدر ممكن من الاستقلالية والتكيف النفسي والاجتماعي، ومن هذا المنطلق، تأتي هذه المقالة لتسليط الضوء على مفهوم الإعاقة الحركية، وأسبابها، وخصائصها، ووسائل التعرف عليها، وطرق تقييمها وتشخيصها.
مفهوم الإعاقة الحركية:
تعرّف الحكومة الـفـيـدرالية في الولايات المتحدة الامريكية 1977 الإعاقة الحركية بأنها: إصابة جسمية شديدة تؤثر على قدرة الفرد على استخدام عضلاته وتؤثر على أدائه الأكاديمي بشكل ملحوظ ومنها ما هو خلقي، ومنها ما هو مكتسب، وقد عرفت الإعاقة الحركية أيضاً بأنها: عائق جسدي يمنع الفرد من القيام بوظائفه الحركية بشكل طبيعي نتيجة مرض أو إصابة أدت إلى ضمور في العضلات، أو فقدان القدرة الحركية أو الحسية، أو كلتيهما معاً في الأطراف السفلي أو العليا مصحوبة باختلال في التوازن الحركي. (العزة، 2002، ص.194-195).
الطلبة ذوو الإعاقات الجسدية أو الحركية:
وهي فئة من الطلبة تتطلب تعليماً خاصاً في مجالات تتطلب استخدامـاً وظيفياً للأيدي والأذرع والأرجل والأقـدام وأي جزء آخر من الجسد، وقد تشمل تلك الفئة بعض المرضى الذين يعانون من حالات مرضية طبية مثل: حالات مرضى القلب، والسكر، والسرطان، والربو. (الفوزان والرقاص، 2009، ص.17).
وضح السهو أن الفرد المعاق حركياً هو الشخص الذي لديه إعاقة جسدية تمنعه من القيام بالحركات اليومية بشكلها الطبيعي نتيجة إصابة ادت الى ضمور العضلات أو نتيجة مرض معين وقد يكون فقدان الحركة مصحوب بفقدان حسي أيضاً في هذه الأعضاء المصابة مما يستدعي ضرورة تطبيق البرامج الطبية والنفسية والاجتماعية لمساعدته في العيش بقدر أكبر من الاستقلال ويساعده في دمجه بالمجتمع. (الصفدي، د.ت، ص.18).
أسباب الإعاقة الحركية:
بعض الإعاقات الحركية يكون معها عوق فكري (متلازمة داون)، أو تأثيرات حسية (إعاقة بصرية)، وقد تكون إعاقة جسمية تؤدي للعوق الحركي (الأمراض المزمنة) وقد تكون مزدوجة العوق الحركي والوظيفي (الصلب المشقوق) حيث يكون هناك مشاكل في الجهاز الهضمي والجهاز البولي.
1. المتلازمات
* متلازمة داون Down syndrome
* متلازمة هيرلر Hurler syndrome
2. أسباب خلقية
* إصابة الجنين بالحصبة الالمانية
*استخدام الادوية – الثايلومايد
3. أسباب وراثية
– الأمراض الاستقلابية Metabolic disorders
– مرض جوشير الولادي Infantile Gaucher disease
أمراض تنتقل بالوراثة: الضمور العضلي الشوكي
4.إصابات الدماغ – الرأس
إصابات حوادث السيارات
* الشلل الدماغي Cerebral Palsy
5. إصابات العمود الفقري – الحبل الشوكي Spinal Cord
* الصلب المشقوق Spina Bifida
6. إصابات الأعصاب المُحيطية الحركية Peripheral Motor Nerves
7.إصابات العضلات.
الحثل العضلي – ضمور العضلات Muscular dystrophy (الصبي، د.ت، فقرة).
الخصائص المميزة للمعاقين حركياً:
إن تعدد مظاهر الإعاقة الحركية، واختلاف أسبابها وتباين درجاتها في كل نوع منـهـا جـعل من الصعب تحديد خصائص مميزة لكل فئة، لكن من الممكن تحديد خصائص عامة يشترك فيها كل المعاقون حركياً بغض النظر عن نوع الإعاقة أو أسبابها أو درجاتها، وفيما يأتي توضيح للخصائص المشتركة للمعاقين حركياً:
أ – الخصائص العقلية: تتميز الجوانب العقلية للمعاقين حركياً بما يأتي:
1- نقص في الإدراك نظراً لأن المعاق حركياً لا يخرج كثيراً ولا ينتقل من مكان لآخر فتتأثر مفاهيمه ومدركاته.
2 – الإعاقة الحركية لا تؤثر على نمو القدرات العقلية إنما اخـتـلاف نسب المصابين يعود إلى عوامل أخرى مثل الفروق الفردية، وقد نجد منهم من يعاني من تدن في الذكاء وآخرين يتمتعون بدرجة عالية الذكاء بين من الذكاء.
3 – انخفاض في مستوى التحصيل الدراسي مقارنة بالعاديين من السن نفسه.
ب – النمو اللغوي: في حالات الإعاقة الحركية التي تعود إلى خلل في الجهاز العصبي أو تلف في خلايا المخ فإن أصحاب هذه الحالات يعانون من صعوبات في: اللغة التعبيرية واللغة الاستقبالية والقدرة اللغوية المتعلقة بحجم المحصول اللغوي.
ج – النمو الحركي: لا شك أن الإعاقة الحركية لها تأثير مباشر على النمو الحركي للطفل، لكن هذا التأثير يتوقف على شدة الإعاقة، فمثلاً الحالات البسيطة تكون تأثيراتها ضعيفة ويعاني المعاق من مشكلات محدودة في الحركة كصعوبة القفز والوثب وممارسة الرياضات التي تحتاج إلى مهارات حركية عالية، أما الإعاقة الشديدة خاصة المتعلقة بمشكلات في الدماغ فيكون تأثيرها أقوى وتأثر على الحركات البسيطة كالمشي والجري وحتى الوقوف العادي.
د – الخصائص السلوكية والاجتماعية: يرى رايت (1982Wright ) أن الأطفال المعاقون حركياً يتمتعون بنفس الخصائص النفسية والاجتماعية الموجودة لدى الأطفال العاديين، وأن المشكلات السلوكية والاجتماعية التي يواجهونها تعود أساساً لمدى تقبل أو عدم تقبل ذويهم وأقاربهم وزملائهم. (الشريف، 2011، ص .436-437).
وسائل التعرف على الطفل المعاق حركياً:
يستطيع ولى أمر الطفل المعاق حركياً ومعلمه التعرف عليه بملاحظة المظاهر الآتية (الخطيب ،1997):
- يتمايل بجسمه أثناء المشي.
- تفتقر حركاته إلى الدقة والتآزر الحركي العصبي.
- يميل إلى الوقوف والمشي على أصابع القدمين.
- ظهور تشوهات قوامية واضحة في الجسم يمكن ملاحظتها في حالات الجلوس والوقوف والمشي.
- صعوبة في أداء بعض الحركات الرياضـيـة كـالـجـري أو الوثب أو رمى الكرة.
- يشعر بالتعب والإجهاد بعد قيامه بنشاط حرکي
- منهم من يصعب عليه الإنحناء لربط حذائه.
- نقص في الطول والوزن.
- صعوبة في ارتداء الملابس وتناول الطعام والشراب. (الشريف، 2011، ص.438).
التشخيص السريري والتموضعي للإعاقة الحركية:
يمكن تشخيص الإعاقة الحركية، إذ يستند تشخيصها أولاً وقبل كل شيء، إلى الفحص المبكر للأمراض التي من شأنها أن تؤدي إلى القصور الحركي، سواء كانت هذه الأمراض ذات طابع انتقالي أو نهائي أو تطوري بعد مرحلة التشخيص السببي للإعاقة، تأتي مرحلة التشخيص الوظيفي والتموضعي.
1 التشخيص السريري أو السببي: يتم القيام به عند المتابعة الطبية العادية، من طرف طبيب أطفال في إطار تتبع برنامج صحة الأم والطفل SMI، في المركز الصحي، هذا التشخيص السريري له أهمية كبرى، إذ يجب أن يكون في وقت مبكر، بغية توفير العلاج اللازم وتجنب الإعاقة الدائمة أو التقليل من حدتها.
2 التشخيص الوظيفي والتموضعي: يعمل هذا التشخيص على تقييم مستوى حدة الإعاقات الحركية، والبحث عن إعاقات أخرى أو اضطرابات مرافقة لها، والتي قد تكون لها تأثيرات على أنشطة الحياة اليومية للشخص المعنى، ويتم هذا التشخيص من طرف فريق متعدد التخصصات، تحت إشراف طبيب أخصائي في الطب الفيزيائي وإعادة التأهيل. (الدليل التوجيهي للإعاقة الحركية، د.ت، ص.4).
مجالات تقييم ذوي الإعاقة الحركية: يجب أن يتم التركيز في تقييم الأفراد ذوي الإعاقات الحركية على المجالات الآتية:
1-مستوى الأداء في مجالات العنايـة الذاتية: تشتمل مجالات العنايـة بالذات كما هو معروف على أشكال متنوعـة مـن المهـارات ذات الصلة بارتداء الملابس ، وتناول الطعام والشراب ، واستخدام التواليت ، والنظافة الشخصية ، وبما أن الهدف الرئيسي من التربية الخاصة لهؤلاء الطلبـة هـو مساعدتهم في الاعتمـاد عـلـى الـذات وبلوغ أقـصـى مـدى ممكـن مـن الاستقلالية ، فإنه ينبغـي تـقـيـيـم مـستوى تـأديتهم لمهـارات العنايـة بالذات ، وعلى وجه التحديد، ينبغي الاهتمام بتحديد ما يستطيع الطالب عمله وما لا يستطيع عمله حالياً والطرق المناسبة لمساعدته في تأدية المهارات اللازمة .
2- مدى الحركة: إن أهمية الحركة بالنسبة للطالب واضحة كل الوضوح، ولما كانت الإعاقات الحركية تفرض قيوداً متنوعة على حركة الفرد وتنقله فلا بد من تقييم تلك القيود ومدى الصعوبات التي تنجم عنها، وينبغي أن يركز التقييم أيضاً على الطرق التي يستخدمها الفرد للحركة والوسائل اللازمة لمساعدته في هذا الخصوص.
3- التعديلات اللازمة لمراعاة الفروق الجسمية: كذلك فإن على المشاركين في عملية تقييم الأفراد ذوي الإعاقات الحركية أن يقوموا بجمع المعلومات اللازمة عن التعديلات المناسبة في الأنشطة الصفية والمدرسية ليتسنى لهـم المشاركة، وطبيعة الأوضاع التي ينبغي تشجيعها أو منعهـا، والإجـراءات الطبية الخاصة التي قد تكون ضرورية.
4- وضوح التواصل وسرعته: تتفاوت تأثيرات الإعاقة الحركية على اللغة والكلام تفاوتاً واسعاً جداً، فقد يكون بعضهم قادراً على الكلام بطريقـة طبيعية، وقد يكون بعضهم الآخر غير قادر على التواصـل مع الآخرين إلا مـن خـلال لوحـات التواصـل أو الإشـارة وغير ذلـك مـن الوسائل، وعليه ينبغي الاهتمام في عملية التقييم بمدى وضـوح المهارات التواصلية للفرد وسرعتها ومستواها.
5- الاستراتيجيات والأدوات الخاصة اللازمة لتسهيل عملية التعلم: يجب أن تتضمن عملية التقييم المعدات والأدوات الخاصة للجلوس والكتابة والقراءة، وينبغـي أيـضاً التعـرف إلى أنماط التعلم لـدى الطـالـب والاستراتيجيات التعليمية المناسبة وأساليب تعديل السلوك الفعالة. (عبيد،2014، ص.256-257).
الاعتبارات الخاصة بتقييم فئة ذوي الإعاقة الحركية:
إن القياس النفسي والتربوي كان وما يزال جزءاً رئيساً مـن الخـدمات التربوية الخاصة التي يتم تقديمها للأفراد ذوي الحاجات الخاصة بمن فيهم ذوي الإعاقات الحركية، وبالرغم من فوائده العديدة، إلا أن القياس غالبـاً مـا يشمل تصنيف الأفراد وإطلاق التسميات التشخيصية عليهم ومثـل هـذه الممارسة لها تأثيرات سلبية تناولتها المراجع المختلفة، وقد دفـع هـذا بـالكثيرين إلى التساؤل حول جدوى القياس النفسي بالنسبة للأفراد ذوي الحاجات الخاصة، فهـو كما يرون ، يعرف الفرد من خلال المشكلات الحاصلة لديه، ويفصله عـن غـيـره مـن الأفراد ويعكر صفو علاقاته الاجتماعية، وهناك تحفظات حول التقييم النفسي التربوي للأفراد ذوي الإعاقات الحركية ومن أهم تلك التحفظات:
1-إن الاختبارات النفسية والتربوية التقليدية قد تم تطويرهـا عموماً دون مراعاة الصعوبات الخاصة للأفراد ذوي الإعاقات الحركية.
2- إن عدداً قليلاً من الأخصائيين النفسيين في الدول العربية يتمتعون بخبرة كافية في مجال الإعاقات الحركية.
3- ندرة الاختبارات النفسية والتربوية التي يمكن استخدامها لتقييم الأفراد ذوي الإعاقات الحركية تشكل عاملاً قوياً يحد من فائدة التقييم.
4- نسبة كبيرة من الأفراد ذوي الإعاقات الحركية يخضعون لعمليات تقييم نفسي وتربوي سطحية وغير صادقة. (عبيد،2014، ص.257-259).
يُعدّ تقييم وتشخيص ذوي الإعاقة الحركية خطوةً أساسية في فهم احتياجاتهم ووضع البرامج التربوية والعلاجية المناسبة لهم، إذ لا يقتصر الأمر على تحديد نوع الإعاقة أو شدّتها، بل يمتد إلى دراسة أثرها في مجالات الحياة المختلفة: العقلية، والنفسية، والاجتماعية، والتعليمية.
التشخيص الدقيق المبكر، القائم على التعاون بين الفريق الطبي والتربوي والنفسي، يسهم في الحدّ من تفاقم الإعاقة وتمكين الفرد من التكيّف والاعتماد على ذاته إلى أقصى درجة ممكنة.
الاهتمام بذوي الإعاقة الحركية ليس عملاً علاجياً أو تعليمياً فحسب، بل هو مسؤولية مجتمعية وأخلاقية تهدف إلى ضمان كرامة الإنسان وحقه في التعلم والنماء والمشاركة الكاملة في الحياة.
ومن ثم، فإنّ تطوير أدوات تقييم ملائمة للبيئة العربية، وتدريب المتخصصين، وتكامل الجهود بين المؤسسات الصحية والتربوية، تبقى ركائز أساسية لتقديم خدمات عادلة وفعّالة لهذه الفئة الغالية من أبناء المجتمع، بما يعزز مبادئ العدالة، والمساواة، والتمكين الإنساني.
قائمة المراجع:
– الدليل التوجيهي للإعاقة الحركية. (د.ت). المملكة المغربية وزارة التضامن والمرآة والأسرة والشؤون الاجتماعية.
– الرقاص خالد، الفوزان محمد. (2009). أسس التربية الخاصة الفئات- التشخيص- البرامج التربوية. العبيكان.
– الشريف، عبد الفتاح. (2011). التربية الخاصة وبرامجها العلاجية. القاهرة مكتبة الأنجلو المصرية.
-شاش، سهير. (2016). استراتيجيات دمج ذوي الاحتياجات الخاصة. مكتبة زهراء الشرق.
– الصفدي، عصام. (د.ت). الإعاقة الحركية والشلل الدماغي. المنظمة السورية للمعوقين- آمال.
– عبيد، ماجدة. (2014). ذوي التحديات الحركية(ط2). دار صفاء للنشر والتوزيع.
– العزة، حسني. (2002). المدخل إلى التربية الخاصة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة المفهوم- التشخيص – أساليب التدريس. الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع ودار الثقافة للنشر والتوزيع.
– الصبي، عبد الله. (د.ت). أسباب الإعاقة الحركية- الجسمية. https://www.gulfkids.com/ar/index.php?action=show_res&r_id=49&topic_id=760









