وسائل التواصل الاجتماعي: فرصة للنمو أم باب للضياع؟

هل تساءلت يومًا: هل ما نقوم به في وسائل التواصل الاجتماعي يفيدنا أم يضيع وقتنا؟ وهل نحن من نستخدمها، أم أنها تستخدمنا؟

نشهد اليوم انتشارًا واسعًا لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، يوتيوب، إنستغرام، وتيك توك، وقد أصبح لكل شاب وشابة من المتعلمين وغير المتعلمين ومن المدن والقرى حسابات في هذه المنصات، ويختلف استخدامها من شخص لآخر؛ فهناك من يستثمرها في توسيع معارفه وزيادة وعيه في المجالات العلمية والسياسية والاجتماعية والدينية والتربوية، وهناك من يسيء استخدامها، ونحن نتأثر بكل ما نراه ونسمعه إن كان سلبيًا أو إيجابيًا.

نتعرف في هذا المقال إلى الأسباب التي تدفع الشباب لاستخدام هذه الوسائل، وإيجابياتها وسلبياتها، ثم نضع مقترحات لتكون وسيلة نافعة لحياتنا ومستقبلنا لا سببًا في تراجعنا وتشتّتنا.

لماذا يلجأ الشباب إلى الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي؟

  1. بسبب الفراغ الكبير الموجود لديهم.
  2. حب الاستطلاع واكتشاف الجديد في العالم المحيط بهم.
  3. بسبب غياب الوالدين أو غياب مراقبتهم لأبنائهم.
  4. بسبب أصدقاء غير جيّدين كما يقال (الصاحب ساحب).
  5. عدم وجود هواية يمارسها الأبناء. (شمسي باشا،٢٠٢٠، ص. ٧-٧٥)

إيجابيات وسائل التواصل الاجتماعي وسلبياتها:

الإيجابيات:

  1. تعد أداة لاكتساب المعارف وزيادة الخبرات.
  2. قربت المسافة وألغت الحدود.
  3. من أفضل الأدوات لتحقيق الأهداف.
  4. مصدر مهم للمعلومات والأخبار.
  5. وسيلة لنسج العلاقات الاجتماعية.
  6. تعد منصة للتدريب والتعليم.
  7. الإبقاء على اتصال دائم بالعالم.

السلبيات:

  1. العزلة الاجتماعية.
  2. وسيلة لبث الشائعات.
  3. تدني مستوى التحصيل الدراسي.
  4. أضرار صحية وجسمية.
  5. الترويج للعنف والإرهاب والعدوانية.
  6. التباين في المعلومات المتاحة.
  7. التشويش الذهني والعصبي: إذ أن الكم الهائل من المعلومات التي ينشر عليها يوميًا مع تعدد الوسائل تؤدي بالمتابع والمشترك إلى مرحلة الإغراق المعلوماتي والمعرفي، والتشتت الذهني، وعسر الهضم تمامًا كما يحدث للشخص إن هو إفراط في تناول الطعام والشراب. (الحاوري، ٢٠٢١، ص. ٧٩-٨٩)

مقترحات لتعزيز الآثار الإيجابية والاستخدام الإيجابي لوسائل التواصل الاجتماعي:

  1. التقيد بالقيم الدينية في استخدام هذه الوسائل، ولا ينشغل بها عن الفرائض والواجبات من العبادات وغيرها.
  2. الانتباه الكامل في نشر البيانات الشخصية.
  3. اجتناب الإفراط في استخدام هذه الوسائل.
  4. عدم مقابلة شخص أجنبي جرى معه الكلام على الإنترنت في خلوة.
  5. احترام الآخرين وأن يفكر المستخدم جيدًا قبل نشر المعلومات الشخصية لأشخاص آخرين، بما في ذلك من نشر الصور أو الإدلاء بالرأي والتعليقات عليهم على حسابه الخاص.
  6. الاحتياط في وضع الصور والمشاركات على المواقع لأن هناك مواقع مفتوحة للجميع. (عبد الرشيد، 2025، ص. ١٠-١١)

ويوصي الدكتور حسان شمسي باشا (2020) بما يأتي:

  • أخْلِص النية في استعمالها، واقصد فيها نفع الآخرين لا التشويش عليهم.
  • لا تجعل قصدك مجردّ ثرثرةٍ فارغة وضياعًا لأوقات ثمينة.
  • كن حكيمًا في النشر والإرسال؛ فرب كلمة أرسلتها أدت إلى إلحاق الضرر والأذى بصاحبها.
  • حافظ على وقتك وحدّد وقتًا معينًا لاستخدام تلك الوسائل.
  • تجنّب الوقوع في الأخطاء التي تسيءُ إلى صورتك أمام الله تعالى وأمام أصدقائك ومعارفك. 

ومن خلال ما سبق يمكننا نستنتج أن وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين؛ فهي توفر فرصًا كبيرة للتعلم والتواصل وبناء العلاقات، لكنها في الوقت نفسه قد تتحول إلى مصدر للضياع والتشتت إذا لم تُستخدم بوعي وانضباط، ولا يمكن الاستفادة من الإيجابيات المتاحة إلا إذا كان لدى المستخدم هدف واضح وقيم أخلاقية تحكم سلوكه الرقمي، في حين أن السلبيات قد تتضخم إذا غابت الرقابة الذاتية، وتحوّل الاستخدام إلى إدمان أو هروب من الواقع، ومن ثم فإن تعزيز الاستخدام الإيجابي لتلك الوسائل يبدأ من الوعي الذاتي، ويتطلب دعمًا من الآخرين، ليصبح الشاب مستخدمًا فاعلًا، لا تابعًا مشغولًا بالمحتوى العشوائي.

وسائل التواصل ليست خيرًا مطلقًا ولا شرًا مطلقًا، بل هي أداة تعكس طريقة استخدامها، وكل شاب وشابة يستطيع أن يجعل منها وسيلة لبناء الذات وخدمة المجتمع، إن أحسن الاختيار؛ فانتبه إلى خطورة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في حياتك ومبادئك، واستثمر عمرك في طلب العلم، وزيادة المعرفة، وتطوير المهارات، وبناء العلاقات السليمة، وإن لم يكن لديك فائدة أو هدف من فتح وسائل التواصل الاجتماعي، فلا تفتحها.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغتنمْ خمسًا قبل خمسٍ: شبابكَ قبل هرمكَ، وصحتكَ قبلَ سقمكَ، وغناكَ قبل فقركَ، وفراغكَ قبل شغلكَ، وحياتكَ قبل موتكَ.

المراجع:

  • الحاوري، عبد الغني أحمد. (٢٠٢١). العلاقات الأسرية في ظل الإدمان على الوسائل التواصل الاجتماعي. المركز الديمقراطي العربي.
  • عبد الرشيد، عزيز أحمد. (٢٠١٥). وسائل التواصل الاجتماعي وأثرها على الفرد والمجتمع. د.ن.
  • شمسي باشا، حسان. (٢٠٢٠). وسائل التواصل الاجتماعي رحلة في الأعماق. دار القلم

Facebook
Twitter
WhatsApp