تنظيم المشاعر مهارة أساسية في النمو الاجتماعي والعاطفي للأطفال، وهي تُمكِّنهم من فهم مشاعرهم، التعبير عنها بطريقة مناسبة، والتفاعل مع الآخرين بفعالية. تشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يطورون مهارات تنظيم المشاعر مبكرًا يكونون أكثر قدرة على التكيف مع التحديات، بناء علاقات صحية، وتحقيق النجاح الأكاديمي والاجتماعي (Denham, 2007).
العوامل المؤثرة في تنظيم المشاعر:
النمو العصبي:
يتطور الدماغ المسؤول عن تنظيم المشاعر، وخاصة القشرة الجبهية الأمامية، بشكل تدريجي خلال الطفولة.
الأطفال الصغار يعتمدون بشكل كبير على البالغين لمساعدتهم في تهدئة أنفسهم وضبط انفعالاتهم.
التفاعل مع البيئة:
الأطفال الذين يتلقون دعمًا عاطفيًا من الوالدين والمربين يكونون أكثر قدرة على تطوير آليات ضبط ذاتية فعالة.
البيئة الغنية بالتفاعل العاطفي الإيجابي تعزز المرونة العاطفية لدى الطفل.
التعلم الاجتماعي والعاطفي (SEL):
تشير الأبحاث إلى أن برامج التعلم الاجتماعي والعاطفي في المدارس تساهم في تحسين قدرة الأطفال على التعبير عن مشاعرهم، التعاطف مع الآخرين، وحل المشكلات بطرق بناءة.
التأثير طويل المدى لتنظيم المشاعر:
تظهر الأبحاث أن الأطفال الذين يطورون مهارات ضبط المشاعر يتمتعون بمستويات أعلى من:
✔️ الاستقرار النفسي والعاطفي
✔️ النجاح الأكاديمي والاجتماعي
✔️ القدرة على التعامل مع الضغوطات والصراعات بطرق صحية
مراحل إدراك المشاعر عند الأطفال:
التعرف على المشاعر الأساسية (2-3 سنوات):
يبدأ الأطفال في التعرف على المشاعر الأساسية مثل الفرح، الغضب، الحزن، والخوف.
يعتمدون على تعابير الوجه ونبرة الصوت لفهم مشاعر الآخرين.
فهم أسباب المشاعر (4-6 سنوات):
يبدأ الطفل في إدراك أن المشاعر تنتج عن مواقف معينة، مثل “أنا حزين لأن صديقي لم يشاركني اللعب”.
يمكنه التعرف على الفروق الدقيقة بين المشاعر، مثل الفرق بين الغضب والإحباط.
تنظيم المشاعر والاستجابة المناسبة (7 سنوات فأكثر):
يطور الأطفال استراتيجيات للتعبير عن المشاعر بطريقة مناسبة، مثل طلب المساعدة عند الشعور بالحزن بدلًا من الانعزال.
يبدأون في التعاطف مع الآخرين وفهم أن الأشخاص يمكن أن يشعروا بمشاعر مختلفة في نفس الموقف.
كيف نساعد الأطفال على إدراك مشاعرهم وفهمها؟
تسمية المشاعر:
استخدم عبارات مثل: “يبدو أنك سعيد لأنك أنهيت الرسم!” أو “هل تشعر بالإحباط لأن اللعبة لم تعمل كما توقعت؟”.
هذه الطريقة تساعد الطفل على ربط المشاعر بالتجارب اليومية، مما يعزز فهمه العاطفي.
استخدام القصص والتمثيل:
قراءة القصص التي تعرض شخصيات تعبر عن مشاعر مختلفة تساعد الأطفال على التعرف على العواطف وفهمها في سياقات متنوعة.
يمكن استخدام تمثيل الأدوار لجعل الطفل يعبر عن مشاعره في مواقف مختلفة.
تشجيع التعبير عن المشاعر من خلال الفن واللعب:
يمكن للأطفال استخدام الرسم، الموسيقى، أو اللعب التخيلي للتعبير عن مشاعرهم بطريقة غير لفظية.
اللعب مع الآخرين يساعدهم على فهم مشاعر الآخرين والتفاعل معهم بطرق إيجابية.
تطوير استراتيجيات تهدئة ذاتية:
تعليم الأطفال تقنيات التهدئة مثل التنفس العميق، العد التنازلي، أو استخدام “ركن التهدئة” يساعدهم على إدارة مشاعرهم بشكل مستقل.
يمكن تدريبهم على التحدث عن مشاعرهم بدلاً من كبتها، مثل قول “أنا غاضب وأحتاج إلى وقت للهدوء”.
الخلاصة: إدراك المشاعر وفهمها هو الأساس الذي يبني عليه الأطفال قدرتهم على تنظيم العواطف والتفاعل الاجتماعي السليم. من خلال التوجيه الإيجابي، التعزيز المستمر، والقدوة الحسنة، يمكننا مساعدة الأطفال على تطوير هذه المهارات الحيوية.
المراجع:
Denham, A. S. (2007). Social Development, 16(1), 57-79 Berk، Laura (2013). Child Development, 9th Edition. New Jersey: Pearson. ISBN:978-0-205-14977-3 |