الاهتمام بالنفس أولاً… رسالة لأسر الأطفال ذوي الإعاقة

رسالة لأسر الأطفال ذوي الإعاقة لترتيب أولوياتهم

يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا” (سورة التحريم:6)

ومما ترشد إليه الآية أهمية ترتيب الأولويات لدى البشر، فأنت لن تستطيع منح المساعدة لغيرك دون أن تكون قادراً على ذلك، فالاهتمام بالذات يساعد على العطاء الجيد بل وأكثر من ذلك الاستمرار في هذا الاهتمام لفترة أطول، وعليه يعد الاهتمام بالنفس ضروري لنستمر في تقديم المساعدة لأبنائنا خاصة من الأطفال ذوي الإعاقة بالإضافة إلى أي أشخاص آخرين يشاركونا حياتنا.

الاهتمام بالنفس للوالدين، والاهتمام بالحفاظ على تكوين الأسرة والقدرة على الاستمرار في العمل والاستيقاظ بنشاط في كل يوم وتناول الغذاء المتوازن وممارسة الرياضة والحفاظ على روتين صحي لي ولأسرتي مثل القيام بالزيارات الاجتماعية والرحلات الترفيهية والمشاركة في المسابقات المحلية وتحقيق الانتصارات فيها يساعد الأسر “الوالدين والأبناء” على الاستمرار في منح الرعاية الشاملة للأطفال من ذوي الإعاقة وخاصة الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد.

هناك العديد من التحديات التي تواجه الوالدين والأسرة كلها في الاستمرار في منح الرعاية الشاملة والتأهيل بالمنزل للأطفال ذوي الإعاقة وخاصة الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد أهمها: قيود الوقت، أو ضعف الدوافع والمبادرة، أو التعب والارهاق بسبب الضغوط المختلفة، بالإضافة إلى الشعور بالذنب، أجد من خلال تواصلي مع العديد من الآباء والأمهات وحتى مقدمي الرعاية في كثير من الأحيان لا يعتنون بأنفسهم بشكل صحيح.

أدرجت منظمة الصحة العالمية اللياقة البدنية، والصحة النفسية، والتواصل الاجتماعي مع الأقران، والقسط الكافي من النوم من أحد أهم الاحتياجات التي يجب توفيرها للأنسان ليحافظ على القدرة على التواصل والعطاء والاستمرار فيها خاصة عند تقديم رعاية شاملة للطفل، ومن الخبرة العملية وعلى المدى الطويل يصبح الشخص الذي لا يوفرها لذاته غير لائق صحيا في تقديم الرعاية الكافية لأبنائه ولا يستطيع الاستمرار في تقديم المساعدة لطفله، وخاصة الطفل ذو الإعاقة.

إذا كان أطفالنا صغاراً الآن ولا نهتم بأنفسنا، فماذا سيحدق بنا عندما يكبرون في السن؟ هل نحن قلقون بشأن مستقبلهم؟ كيف سنساعدهم؟ إذا كنا لا نعتني بأنفسنا الآن فكيف سنستمر في ذلك؟

فكر مثلاً في حالات الطوارئ خلال رحلات الطيران، يقولون لك: “في حالة الطوارئ، ستسقط أكياس الأكسجين من السقف، قم بتركيب قناع الاكسجين الخاص بك قبل وضعه لطفلك”، لماذا يقولون ذلك؟ لأنك لن تتمكن من مساعدتهم إذا كنت غير قادر على الاعتناء بنفسك؛ انتبه لهذا الدرس ومارس بعض الرعاية الذاتية لذاتك.

حتى نستمر في منح الرعاية الكافية لأبنائنا علينا أن نتذكر أهمية ممارسة الركض: إنها ليست لك فقط، إنها لطفلك أيضًا، اللياقة البدنية تساعدك على التعامل مع المخاوف المتعددة بالإضافة للعديد من الفوائد، أنت بحاجة إلى ممارسة الرياضة للحفاظ على لياقتك البدنية لتربية الأطفال، ولا يوجد شيء أسهل أو أرخص أو أكثر متعة من الركض. الركض أيضًا هو وسيلة حقيقية لتخفيف التوتر ويوفر فرصة لعقلك لتنظيم أفكاره. انضم إلى نادي أو منظمة محلية للجري.

نحن بحاجة أيضاً إلى التواصل المباشر ضع جهاز الهاتف جانباً واستمع إلى نفسك وأنت تفكر، كما أقترح عليك أن تجري مع ابنك، ما الذي قد يكون أفضل من ذلك؟ اجعله يشاركك في الجري، فهذا من شأنه أن يوفر له نفس التمرين، وتخفيف التوتر، والهدوء العقلي.

في الختام نحن جميعاً بحاجة لإعادة ترتيب الأولويات خاصة بما يعود على أنفسنا بالهدوء والتعامل بذكاء مع الضغوط المتعددة التي تحيط بنا، فالاهتمام بنفسي وبزوجي أو زوجتي يعد من المبررات التي يحتاجها الجميع للحفاظ على تكوين الأسرة التي بالحفاظ عليها نحافظ على قدر من الثبات في مواجهة الإعاقة والتبعات النفسية والتحديات الجسدية التي نواجهها في حال كانت جزءاً من أحد أفراد أسرتنا الحبيبة.

Facebook
Twitter
WhatsApp