لماذا لا يتابع أولياء الأمور أبناءهم؟

لا يختلف اثنان على أن دور الأسرة في متابعة الأبناء هو حجر الأساس في العملية التربوية والتعليمية، والدراسات التربوية تشير إلى أن التعاون بين البيت والمدرسة يُعد من أهم عوامل النجاح الأكاديمي للطفل، ومع ذلك يلاحظ غياب أو ضعف متابعة بعض أولياء الأمور لأبنائهم، سواء في البيت أو المدرسة، وفي هذه المقالة أسلّط الضوء على أسباب عدم متابعة أولياء الأمور لأبنائهم والآثار السلبية لذلك ومقترحات للحد منها.

أسباب عدم متابعة أولياء الأمور لأبنائهم:

أُجريت دراسة لمعرفة أسباب عدم متابعة أولياء الأمور لأبنائهم من وجهة نظر معلمي وكالة الغوث الدولية بمحافظة غزة وأظهرت النتائج:

  1. المستوى التعليمي المتدني لدي بعض أولياء الأمور.
  2. انشغال أولياء الأمور في أعمالهم اليومية.
  3. اعتقاد أولياء الأمور أن المدرسة هي المسؤول الوحيد عن العملية التعليمية.

وأضيف إلى ذلك من خلال خبرتي في التعليم:

  • الخلافات الأسرية: قد تؤدي المشكلات العائلية إلى انشغال وضغط الوالدين عن الأبناء وتراجع دورهم في الرعاية والتعليم.
  • انتشار الإنترنت والهواتف: للأسف أصبحت الأجهزة الذكية بديلًا عن الحوار العائلي، فيُترك للأطفال ساعات طويلة دون رقابة أو توجيه.
  • عدم الثقة بالنفس أو بالمؤسسة التعليمية: بعض أولياء الأمور يشعرون بعدم الكفاءة للتفاعل مع المدرسة، أو أنهم غير مرحب بهم، فيتراجعون عن أداء دورهم التربوي.
  • الجهل أو قلة المعرفة بكيفية تعليم الأبناء: بعض أولياء ممن يتابعون أبناءهم ويدرسونهم لكن دون ثمار مرجوة، لأنهم يفتقرون إلى طرق أو أساليب فعالة في إيصال المعلومات لأبنائهم.

 آثار عدم متابعة أولياء الأمور لأبنائهم:

أُجريت دراسة في الجزائر لمعرفة نتائج عزوف أولياء أمور التلاميذ عن التواصل المدرسي وأثره في العملية التعليمية، وإليكم تلخيص تلك النتائج:

  1. التأخر الدراسي: ضعف متابعة الأسرة يؤثر سلبًا في تحصيل الطفل، ويزيد احتمالية التوتر والانطواء والصدمات النفسية، خاصة في بداية العام أو بعد الإجازات.
  2. العنف المدرسي: غياب التواصل الأسري والمدرسي يسهم في انتشار العنف بين الطلاب، مما يعيق تحقيق الأهداف التربوية ويؤدي لسلوك عدواني.
  3. التسرب المدرسي: قلة وعي الأهل بأهمية التعليم، وعدم متابعتهم لأبنائهم، يؤدي إلى غيابهم عن المدرسة وتسربهم منها، ويتسبب في ضعف تحصيلهم الدراسي.
  4. الرسوب المدرسي: ينتج عن ضعف المتابعة الأسرية والأكاديمية والشخصية للطالب، مما يؤدي إلى فشله في الوصول للمستوى المطلوب وإعادة الصف الدراسي.

 المقترحات:

  1. بناءً على ما توصلت إليه الدراسة التي سعت لمعرفة أسباب عدم متابعة أولياء الأمور لأبنائهم من وجهة نظر معلمي وكالة الغوث الدولية في غزة، يمكن تقديم المقترحات والتوصيات الآتية:
  2. تفعيل وسائل الاتصال الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي في التواصل مع أولياء الأمور، ونشر رسالة المدرسة وخدماتها وأنشطتها التي يمكن أن تقدم الأسرة ككل.
  3. الاستفادة من وسائل الإعلام المختلفة بشكل عام وقنوات الأثير الفضائية بشكل خاص من أجل تعزيز الاتصال والتواصل بين المدرسة وأولياء الأمور وتقديم برامج تستهدف الأسرة الفلسطينية.
  4. تعزيز دور مجالس أولياء الأمور واللجان المدرسية المختلفة للإسهام في حشد أولياء الأمور للتواصل مع المدرسة ومشاركتها أنشطتها.
  5. إنشاء أندية لأولياء الأمور في كل مدرسة من أجل تنفيذ أنشطة تشاركية بين الطفل وولي الأمر والمعلم.
  6. توثيق الصلة بين المدرسة ومؤسسات المجتمع المحلي والإنسانية بما في تنفيذ الأنشطة التي تعزز الشراكة بين المدرسة وأولياء الأمور.
  7. عقد الدورات التدريبية المتخصصة للعاملين في الحقل التربوي من أجل تطوير مهارات الاتصال والتواصل لديهم، وتنفيذ أنشطة تعزز الاتصال والتواصل بين المدرسة ومؤسسات المجتمع المختلفة.
  8. تنفيذ الأنشطة التربوية التي يشارك بها ولي الأمر لطفله (زيارات، رحلات أيام مفتوحة، وغيرها) لما لها من دور فاعل في تعزيز الشراكة بين المدرسة والأسرة.

ومن خلال دراستي وخبرتي في التربية والتعليم أرى أن هذه المقترحات إن طُبقت فسنرى نتائج إيجابية جداً.

وفي الختام، لا شك أن دور الأسرة في متابعة الأبناء يشكل الدعامة الأساسية في بناء جيل واعٍ ومتعلم، وإنّ ضعف هذا الدور أو غيابه يترك آثارًا سلبية عميقة في مسيرة الطفل تعليميًا ونفسيًا واجتماعيًا، والمسؤولية التربوية والتعليمية لا تقع على عاتق المدرسة وحدها، بل هي مسؤولية تشاركية تتطلب تعاونًا حقيقيًا بين الأسرة والمدرسة، فتفعيل قنوات التواصل، وتقديم الدعم والإرشاد لأولياء الأمور، وتعزيز العلاقة بينهم وبين المدرسة، هو السبيل الأمثل للنهوض بالعملية التعليمية وتحقيق أفضل النتائج لأبنائنا؛ فلنعمل جميعًا يدًا بيد من أجل مستقبل مشرق لأجيالنا القادمة فهم أمانة وهم أملنا.

المراجع:

  • زايدي، نوال، ودغمان، حسيبة. (2022). عزوف أولياء التلاميذ عن التواصل المدرسي وأثره في العملية التعليمية [رسالة ماجستير منشورة، جامعة 8 ماي 1945 قالمة]. https://dspace.univ-guelma.dz/xmlui/handle/123456789/13703
  • جمعة، أمجد، السعودي، شريف، الصوافي، جوخة، ومقداد، صفاء. (2021). أسباب عزوف أولياء الأمور عن التواصل مع المدرسة من وجهة نظر المعلمين بمحافظات غزة. مجلة دراسات نفسية وتربوية، 14 (1)، 300-320. https://search.shamaa.org/fullrecord?ID=304238

Facebook
Twitter
WhatsApp