تشخيص ذوي صعوبات التعلم وتقييمهم

إذا كان للإنسان الحق في الحياة فله الحق في التعلم كذلك، فيجب على العاملين في الحقل التربوي العمل تطوير المناهج والطرق الخاصة بالتدريس لكي تناسب كل الأفراد على اختلاف الفروق الفردية بينهم ولا تستثني أي فئة من فئات الطلبة، ولا بد من إيجاد طرق وأساليب خاصة للتدريس وتعليم الأطفال ذوي صعوبات التعلم حيث أنهم النسبة الأكبر من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولابد من اعتماد محكات ومعايير التشخيص المناسبة لكشف هؤلاء الأطفال كي يتم التعامل معهم في وقت مبكر، وهذا هو محور مقالتي (تشخيص وتقييم ذوي صعوبات التعلم).

تعريف ذوي صعوبات التعلم:

 هم أولئك الذين يظهرون اضطرابات في واحدة أو أكثر مـن العمليات النفسية الأساسية التي تتضمن فهم واستعمال اللغـة المكتوبة أو اللغـة المنطوقة، والتي تبدو في اضطرابات السمع والتفكير والكلام والقراءة والتهجئة والحساب والتي تعود إلى أسباب تتعلق بإصابة الدماغ البسيطة الوظيفية ولكنها لا تعود إلى أسباب تتعلق بالإعاقة العقلية، أو السمعية أو البصرية أو غيرهـا مـن الإعاقات (القرشي ،2012، ص219-220).

ويُعرف مصطلح صعوبات التعلم أنه: مجموعة متباينة من الاضطرابات التي تعبر عن نفسها من خلال صعوبات دالة في اكتساب واستخدام مهارات الاستماع أو الكلام أو القراءة أو الكتابة أو الاستدلال أو العمليات الحسابية وهذه الاضطرابات ذاتية داخلية المنشأ ويفترض أن تكون راجعة إلى خلل وظيفي في الجهاز العصبي المركزي (غنايم، 2016، ص. 27).

مظاهر صعوبات التعلم:

 أولاً: السلوك الصفي:

  • يتحرك باستمرار.
  • يصعب عليه البدء بالمهمات أو إنهاؤها.
  • كثيرا ما يتغيب عن المدرسة.
  • يتصف عادة بالهدوء أو الانسحاب.
  • يواجه صعوبات في علاقاته مع الرفاق.
  •  غير منظم.
  • يتشتت انتباهه بسهولة.
  •  يسيء فهم التعليمات اللفظية.
  •  لديه مؤشرات أكاديمية غير جيدة.
  • يتردد كثيرا عندما يتكلم.
  •  تعبيره اللفظي ضعيف بالنسبة لعمره العقلي.
  •  لديه تقلبات شديدة في المزاج الاندفاع والتهور فقد يحاول الإجابـة عـن الأسئلة قبل الانتهاء من سماع السؤال.

 ثانياً: القراءة:

  • لا يقرأ بطلاقة ويميل إلى القراءة ببطء.
  • يكرر الكلمات ولا يعرف إلى أين وصل.
  • يخلط بين الكلمات والحروف المتشابهة.
  • لا يقرأ عن طيب خاطر.
  • يعكس بعض الكليات والأحرف.
  • يظهر قلقاً خاصًا نحو القراءة بصوت عال في الصف وهناك من يجد صعوبة في ممارسة الفهم والقراءة السريعة في الوقت ذاته.

 ثالثاً: الحساب:

  • يصعب عليه المطابقة بين الأرقام والرموز.
  •  لا يتذكر القواعد الحسابية.
  •  يصعب عليه إدراك المفاهيم الحسابية.
  •  يواجه صعوبة في حل المسائل اللفظية، وتحويل المسائل اللفظية إلى أرقام.
  •  قد يسير المتعلم بطريقة صحيحة في حل المسألة، ولكنه يفشل في التوصل للحل الصحيح بسبب نقله لبعض الأرقام بطريقة خطأ أو بطريقة معكوسة.

 رابعاً: الكتابة:

  • يصعب عليه نسخ ما يكتب على السبورة.
  •  يستخدم تعبيرات كتابية لا تتلاءم مع عمره الزمني.
  •  يستخدم روابط غير مناسبة بين الكليات.
  •  بطيء في إتمام عملية الكتابة. قد يعكس بعض الكلمات أثناء الكتابة.
  •  خامساً: معالجة المعلومات:
  • يعاني المتعلم من مشكلة وجود تناقض في معالجة المعلومات.
  •  كما قد يفسر الأسئلة بطريقة خاطئة ولا يفسر بدقة المطلوب منه للإجابة.

سادساً: صعوبات التعلم وضعف الانتباه:

لما كان الانتباه من المتطلبات الرئيسة للتعلم، فإن ضعف الانتباه يكون أحـد المشكلات الرئيسـة التي تواجه التلاميذ ذوي صعوبات التعلم، ويعاني هؤلاء التلاميذ من كثرة أحلام اليقظة، وبأن المدة الزمنية لدرجة انتباههم قصيرة جدًا، ويبدي تلاميذ كثيرون ممن يعانون المشكلات المدرسية صعوبة في الحفاظ على الانتباه، ولديهم قدرة عالية على التشتت (القرشي، 2012، ص.222- 224).

 خصائص ذوي صعوبات التعلم النمائية والأكاديمية:

أولاً: صعوبات التعلم النمائية:

تشمل صعوبات التعلم النمائية المهارات السابقة التي يحتاجهـا الطـفـل بهدف التحصيل في الموضوعات الأكاديمية، مثلاً يتعلم الطفل كتابة اسمه عن طريـق تـطـوير الكثير من المهارات مثل الإدراك، التـآزر البصـري الحركي، الذاكرة… فحين تضطرب هـذه الوظائف بدرجـة كبيـرة ويعجز الطفل عن تعويضها مـن خـلال وظائف أخـرى ينتج عنهـا صعوبة لـدى الطفل في تعلم الكتابة أو التهجئة أو إجراء العمليات الحسابية.

ثانياً: صعوبات التعلم الأكاديمية:

هي المشكلات التي تظهر من قبل أطفالنا في المدارس وتشتمل على: صعوبات بالقراءة -صعوبات بالكتابة -صعوبات بالتهجئة والتعبير الكتابي -صعوبات بالحساب (محمود، 2007).

محكات تشخيص صعوبات التعلم:

 يرى كثير من المتخصصين في شؤون هذه الفئة أن عملية تشخيص صعوبات التعلم يجب أن تتم بواسطة نظام العمل اليومي، والملاحظة المقصودة من خلال السجل المدرسـي الخاص بالمتعلم الذي يرافقه حين إنهائه المرحلة الابتدائية، فتعرُّف أسباب صعوبات التعلم والعوامل المؤثرة فيها تساعد على تشخيصها وتعرُّف العوامل المؤدية إليها، وليس المقصود هنا تشخيص صعوبات التعلم التي ترجع إلى خلل في الجوانب الحسية والعصبية أو تدني في الذكاء والقدرات، وإنما المقص ود هنا هو تشخيص الأسباب، والعقبات النفسية والتربوية والأسرية التي تقف حائلاً ضد التعلم الجيد لدى المتعلمين، مثل تلك التي تسبب قلة استفادة المتعلمين من خبرات التعلم المتاحة لهم وأنشطتها.

  1. محك التباعد: يشير محك التباعد إلى وجود تباين بين العديد من السلوكيات النفسية كالانتباه، والتمييز، والذاكرة، وإدراك العلاقات، كما يشير إلى تباين القدرة العقلية للفرد (الذكاء) وتباعدها والتحصيل الدراسي والأكاديمي، وأخيراً قد يظهر التباين في جوانب النمو المختلفة، كان ينمو حركياً في سن مبكرة، فيمشي في السنة الأولى أو أقل بينما يبدأ في نطق اللغة في سن الخامسة (أي يتأخر في النمو اللغوي) (قطامي، 1992 نقلاً عن أبو الديار، 2012، ص.71).
  2. محك الاستبعاد: حيث يستبعد عند التشخيص وتحديد فئة صعوبات التعلم الحالات الآتية: التخلف العقلي، والإعاقات الحسية، والمكفوفين، وضعاف البصـر، وضعاف السمع، وذوي الاضطرابات الانفعالية الشديدة، مثل: الاندفاعية، والنشاط الزائد، وحالات نقص فرص التعلم أو الحرمان الثقافي.
  3. محك التربية الخاصة: يرتبط بالمحك السابق ومفاده أن ذوي صعوبات التعلم لا تصلح لهم طرائق التدريس المتبعة مع المعوقين، وإنما يتعين توفير شكل آخر من التربية الخاصة من حيث: (التشخيص، والتصنيف، والتعليم) يختلف عن الفئات السابقة.
  4. محك المشكلات المرتبطة بالنضوج: حيث تجد معدلات النمو تختلف من طفل إلى آخر مما يؤدي إلى صعوبة التهيئة لعمليات التعلم، فالمعروف أن الأطفال الذكور يتقدم نموهم بمعدل أبطأ من الإناث مما يجعلهم في حوالي الخامسـة أو السـادسـة غير مستعدين أو مهيئين من الناحية الإدراكية لتعلم التمييز بين الحروف الهجائية قراءة وكتابة مما يعوق عمليات التعلم سواء أكان هذا القصور يرجع إلى عوامل وراثية أم تكوينية أم بيئية، وهذا المحك يعكس الفروق الفردية بين الجنسين في القدرة على التحصيل (أبو الديار، 2012، ص.71-72).

 طريقة تشخيص الطلبة ذوي صعوبة التعلم:

 على ضوء المنحى التكاملي في التشخيص، الذي يعتمد على الجوانب الطبية والاجتماعية والتربوية والنفسية، يتم بناء آلية للتشخيص تمر بمرحلتين، وهما:

أولاً: المسح السريع: وهو ينطوي على استخدام طرائق مختلفة في جمع المعلومات والبيانات ومنها: دراسة الحالة، المقابلة، الملاحظة، دراسة الملفات الطبية والمدرسية، تطبيق قوائم السمات الخاصة بالعلامات المبكرة الدالة على صعوبات التعلم، يكون من خلال دراسة الحالة.

    1. المقابلة: وتتطلب تحديد مكان المقابلة وموعدها ووقتها وتحديد جوانب الأسـئلة المطروحة إلى غيرها من الأمور الخاصة بالمقابلة.
    2. الملاحظة الإكلينيكية: حيث تتم ملاحظة سلوك الطفل سواء أكان ذلك في المدرسة، وتصرفاته داخل الفصل، مع الزملاء خارج الفصل، في المنزل، مع الوالدين والأخوة، أو في أي موقف يستدعي ملاحظة سلوك الطفل وتستخدم نواتج الملاحظة في بيان ومعلومات حول الإدراك السمعي (السمع بشكل جيد) الإدراك اللغوي (النطق بشكل جيد).
    3. دراسة الملفات الطبية والملفات المدرسية: ومنها الملف الطبي حيث تستطيع عن طريق هذا السجل دراســة التاريخ الطبي لهذا الطالب، بما يحتويه من معلومات، كالأمراض التي يعاني منها مثلاً، أو أنواع الدواء الذي يتعاطاها الطالب ومدى تأثيرها على سلوك الطالب، إلى غيرها من المعلومات المدونة في هذا السجل، والتي من الممكن أن تساعد في تكوين معلومات أولية عن حالة هذا الطالب.
    4. تطبيق قوائم السمات الخاصة بالعلامات المبكرة الدالة على صعوبات التعلم: وتستخدم هذه القوائم وذلك للكشف عن تلك السمات التي تميز ذوي صعوبات التعلم عن غيرهم من الطلاب، سـواء الطلاب العاديين، أو الطلاب المتأخرين دراسيا، أو الطلاب المتخلفين عقليا، حيث يتسم الطلاب ذوي صعوبات التعلم، بعدد من السمات تذكر منها السلوك الانفعالي المتهور.

ثانياً: التشخيص الدقيق: ويعني ذلك استخدام الأدوات والاختبارات والمقاييس المقننة، والتي تتوافر لها الخصائص السيكومترية (الصدق والثبات وقابلية الاستخدام)، والتي يمكن توظيفها لاستكمال عملية التشخيص، وهذه الخطوة مرهونة باعتبارات كثيرة، منها توافر الأدوات وتوافر الأشخاص المؤهلين توافر الإمكانات المتاحة. فإذا اكتملت هذه العناصر تطبق عملية التشخيص الدقيق، مع ملاحظة أنه في حلة ذوي صعوبات التعلم يفضـل اسـتخدام آلية الكشف هذه في مراحل عمرية مبكرة، وتبدأ بمن دخول المدرسة، ويوصي الباحثين باستخدامها بالصف الثاني الابتدائي (سن الثامنة) ومحاولة تنمية القدرات العقلية من خلال استغلال اهتمامات الفرد باستخدام (مركز ديبونو، ص.17-19).

يعد موضوع القياس والتشخيص في التربية وعلم النفس ولاسيما صعوبات التعلم، حجر الزاوية الأساسي في التعـرف إلـى الأطفال ذوي صعوبات التعلم وتشخيصهم، وبدون توفر أدوات القياس والتشخيص المناسبة فإنه يصعب وضع البرامج التربوية المناسبة لهم.

قائمة المراجع:

أبو الديار، مسعد. (2012). القياس والتشخيص لذوي صعوبات التعلم. مكتبة الكويت الوطنية.

 أولفـت، محمـود. (2006). بعـض ســمات الشخصية والمهارات الاجتماعية لدى الأطفال من ذوي صعوبات التعلم. المجلة الدولية للبحوث النوعية المتخصصة، 4 (9)، 42-77. https://0l111lhlp-y-https-search-mandumah-com.ju.proxy.coe-elibrary.com/Record/971446

غنايم، عادل. (2016). البرامج العلاجية لصعوبات التعلم. دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة.

القرشي، أميـر. (2012). التدريس لذوي الاحتياجات الخاصـة بـين التصميم والتنفيذ. القاهرة عالم الكتب.

مركز ديبونو لتعليم التفكير. (د.ت). الورشة الأساسية فـي قيـاس وتشــــــــــخيص الطلبـة ذوي صـــــوبات التعلم. الموقـع http://gulfkids.com/pdf/dralsoby

Facebook
Twitter
WhatsApp