الخطوة الأولى في العمل الفعال مع الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد وأسرهم تتجسد في النموذج المثالي الذي يتم التوافق عليه من أهل الاختصاص مع العديد من الخبرات العملية المؤثرة في هذا المجال، ومن أبسط التوصيات التعامل معهم كغيرهم من أقرانهم من غير الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد وفق مساحة آمنة مرنة تتوافق مع التوجيه في الدراسات العلمية المتخصصة في هذا لامجال.
كما لا بد لنا كعاملين وأسر نتعامل للمرة الأولى مع الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد من الاطلاع على العديد من المراجع العلمية المعتمدة الهامة في التعامل الفعال مع الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد والتي تنشأ التحديات في التعامل معهم غالبا من التسرع والعمل دون تخطيط أو هدف محدد سوى إيقاف التحديات العديدة في التواصل معهم بدلا من الانشغال في إيجاد الطرق المناسبة في التواصل أو تفعيل طرق التواصل البديلة.
ولعله واجبا علينا جميعا أن نؤكد في الخطوة الأولى للتعامل الفعال مع الأشخاص ذوي الإعاقة أهمية معرفة حقوق الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد وأسرهم وضرورة تفعيلها بما يحقق لهم حياة كريمة وفق مجموعة من الاقتراحات على مستوى العمل الوطني، والتي من أبرزها:
(1) تنفيذ مسوحات حول احتياجات الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد وأسرهم، ويمكن أن تساهم هذه المسوحات في تنظيم العمل وتوجيد الجهود من الجهات المختصة في تقديم الخدمات لهم.
(2) توفير نظام إحالة للكشف المبكر عن الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد، ويساعد ذلك في تسهيل مسار الكشف من الجهات المختصة بالتعاون مع وزارة الصحة والفريق المختص فيها.
(3) اتباع طرق واستخدام أدوات حديثة لتحقيق التشخيص الشامل للتوحد، حيث تعاني الكثير من الأسر من التشتت بين الجهات المختصة وغير المختصة لاصدار تشخيص للتوحد ومما يعيق ذلك ضعف توفر الأدوات التشخيصية المققنة على البيئة التي يعيش بها الطفل، وعدم توفير الفرق المتخصصة المدربة لإصدار مثل هذا التشخيص وغيرها من التحديات.
(4) توفير الدعم الأولي للأسر والأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد عند الكشف عن وجود الاضطراب لديهم ووضع مسارات وطنية للتخطيط لحياة آمنة.
(5) توفير البرامج والخدمات التأهيلية والعلاجية المستندة على أدلة البحث العلمي، وهذا يتم من خلال إشراف فني من الوزارات المختصة في العمل مع الأشحاص ذوي اضطراب طيف التوحد.
(6) إصدار تعليمات محددة لمنح العاملين مع الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد رخص مزاولة مهنة، ومتابعة تجديدها بما يحقق مواكبة الجديد في المجال.
(7) ضمان حق التعليم الشامل لجميع الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد، ويشمل ذلك التعليم ما قبل المدرسة والتعليم الأساسي والثانوي والجامعي، ووفق القدرات مع ضرورة العمل وفق معايير التعليم الدامج في العلم الحديث بما يحقق انتقال آمن بين المراحل المختلفة.
(8) توفير خط ساخن لدعم أسر الأشخاص ذوي اضطرابات طيف التوحد، حيث تمر الأسر بفترات حرجة خلال فترات النمو والتأهيل والتعليم بما يربك التعامل مع أبنائهم والحفاظ على سلامتهم والتواصل الفعال معهم وحل مشكلاتهم المختلفة خلال فترات حياتهم المختلفة.
(9) توفير الدعم لإجراء مزيد من الدراسات حول قضية التوحد، بما يساعد في رسم السياسات الوطنية وفق أحدث الدراسات العلمية مما يؤدي لتحسين جودة الخدمات المقدمة في مختلف القطاعات الخدمية بما يتوافق مع الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد وأسرهم.
(10) توفير التكنولوجيا المساندة عند تقديم الخدمات الشاملة، مثل: التطبيقات التعليمية والعلاجية “تطبيقات التواصل البديل والعزز – AAC”، والأجهزة اللوحية “التابلت”، والروبوتات التعليمية، والواقع الافتراضي المعزز، والألعاب التفاعلية والتقنيات القابلة للارتداء مثل الساعات الذكية.
لقد أوصت العديد من الدول والقمم العالمية في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والتي عقدت آخرها في برلين بالتعاون مع المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ضرورة تقبل الأشخاص ذوي الإعاقة بأنهم جزء من المجتمع وأن ما يساعدهم يساعد غيرهم من الأشخاص من غير ذوي الإعاقة.
إننا اليوم أمام العديد من التحديات يمكن علاج الكثير منها بالتقبل والتعامل بهدوء وبطريقة علمية مستندة إلى الأدلة للانتقال بالأشخاص ذوي الإعاقة والأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد من دائرة التعايش والتكيف إلى دائرة المشاركة الفاعلة ليكون عنصرا مشاركا ضمن قدراته وبما يميزه ليكون منتجا بشتى مجالات الحياة والتي يكفل التهيئة والدعم مشاركتهم بما يحقق استقلاليتهم وعيشهم المستقل.